كانت التقليعة غريبة.. لكن شبه إجماع دفع جماهير الأهلي لرفع النقود والتلويح بها في مباراة فريقها أول من أمس أمام الشباب فيما فسر بأنه اتهام للحكم في ذمته بعد قرارات رأت هذه الجماهير أنها كانت غير موفقة وأنها أضرت بفريقها الذي خرج مهزوماً من اللقاء.

ومن المؤكد أن التلويح الأهلاوي سيقسم المتابعين بين مؤيد ومعارض، وإن كنت أرى فيه جنوحاً غير مبرر حتى لو كان الأهلي قد تضرر، إذ إن الاعتراض على الحكم يمكن أن يتخذ عبر وسائل أخرى لا تطال الذمم، ولا تصل حد التشكيك بالنزاهة، ولا تصل حدود الإيذاء الذي لا يمكن أن يشفيه أو أن يدعى أنه رد على أخطاء الحكم.

جماهير الأهلي جاءت بشيء جديد، لكن ما فعلته كان صدى لكثير من الانتقادات التي كالها مسؤولو النادي للتحكيم، والتي لم يخل بعضها أو ربما غالبها من الدقة والصواب، لكن تقبل الجمهور لها يبدو بعيداً بعيداً في تطرفه.

وجماهير الأهلي التي حرصت على الدوام أن تتصف بالرقي مارست من قبل بعض أساليب الاحتجاج والاعتراض، فأدارت ظهرها للملعب، وقاطعت بعض المباريات، لكنها لم تنزلق نحو هذه الطريقة الغريبة من التعبير عن سخطها، وعن رغبتها في أن يكون فريقها في وضع أفضل.

وبالعودة إلى تصريحات المسؤولين، أجد من الضرورة أن يتنبه هؤلاء إلى الانعكاسات الخطيرة لكل تصريح يطلقونه، لأنهم وإن كانوا قادرين على السيطرة على مشاعرهم حتى في ظل الضغوط التي يرزحون تحتها، وإن كانوا قادرين على تمييز دقة العبارات التي اختاروها للاحتجاج على ظلم تحكيمي تعرضوا له في أكثر من مناسبة، إلا أن الجمهور وبطبيعة الحشود يمكن أن يستفز بسهولة، ويمكن أن ينزلق إلى ما يريدونه، ولما لا يقبله تاريخ النادي العريق الذي بقي دائماً مضرباً للمثالية والرقي، حتى رأى البعض أنه بالغ في هذا الجانب وباتوا يعتبرون الأمر (اتهاماً) شجع الآخرين على أن يتقووا عليه، أو يجعلونه (جداراً منخفضاً) يمكن لمن يحلو له أن يتخطاه.

قوة الأهلي وجماله جاءت من رقي مسؤوليه ولاعبيه وجمهوره، ومن المرعب أن يتغير حال أي ضلع من أضلاع هذا المثلث، لأنه بذلك يسيىء للبقية، وهذا لا يليق بالقلعة التي صدرت الرقي فتعلم منه الآخرون.