خلد الأدب العالمي مشاهد معارك دونكيشوت أو دون كيخوتة كما ظهرت في ترجمة عبدالرحمن بدوي، لتصبح رمزا للعدو المتوهم الذي لا حقيقة له.
شاهدنا الفارس الهمام "دونكيشوت" المهووس بقصص الفروسية، وهو يشن معركته ضد قطيع الأغنام، ظنا منه أنها جيش جرار، فكانت أزمته تعبر عن موقف الإنسان عندما يواجه موقفا لا يرتضيه ولا يملك حياله سوى إطلاق العنان لمخيلته.
ولا شك أن أزمة دونكيشوت ومعاركه البطولية لنصرة الضعفاء، نعيشها واقعا مع مسؤولي الأندية في رياضتنا. أنظر إليهم يشنون المعارك الضارية ضد لجان الانضباط والتحكيم لاسترداد الحقوق المغتصبة حسب زعمهم.
ها هم منهمكون في الرد على المتطاولين على حرمة الكيان في كل قناة فضائية وكل وسيلة إعلامية، فلا يهنأ لهم عيش ولا يستريح لهم بال حتى يقمعوا كل الجيوش الإعلامية المجيشة ضدهم، وينسفوا كل محاولة للإساءة لناديهم من أنصار الأندية الأخرى.
في النادي الأوروبي نسمع برئيس النادي ولا نراه، فهو أشبه بكائن ما ورائي، متجاوز لحواسنا وقدرتنا على الإدراك، فلا نجده يجندل الإعلاميين في وسائل الإعلام، ويوبخ الحكام على المضمار، ويقمع اللاعبين المستهترين بعواطفنا الجياشة، ولم نسمع له خطبة رنانة أو شعارات مفخمة، ولم يطرأ لأحدهم أن يصنع له أعداء من وحي الخيال يصارعهم في الليل والنهار، ويحمي ناديه المستضعف من غاراتهم التي لا تنتهي.
المسؤول الدونكيشوتي هو صناعة محلية لا وجود لها في أي رياضة متطورة في شتى بقاع المعمورة، وازدهار سوقهم هو إثبات قطعي على تقهقر رياضتنا المحلية، فهل وجودهم ضرورة حتمتها الظروف؟ أم حيلة من المسؤول الرياضي ليشغل المشجع بمعارك دونكيشوتية لا وجود لها بعيدا عن التحديات الحقيقية داخل أسوار النادي؟.