توقع نائب الرئيس ومدير مركز الدراسات في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، جيمس ليندسي، أن يكون عام 2016 صاخبا في الشؤون العالمية، مشيرا إلى ارتفاع المخاوف من الإرهاب والفوضى في الشرق الأوسط.
وقال إن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في أوروبا يزيد هذه المخاوف، إلى جانب المزيد من التوترات البحرية في آسيا، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، الذي ينذر بأزمة عالمية كبيرة، وذلك على خلفية حملة الانتخابات الرئاسية المحتدمة في الولايات المتحدة.
ولفت إلي أن العام الحالي ليس كالأعوام التي سبقته، لأنه يشهد ظاهرة جديدة، قلّ أن تجتمع مكوناتها في عام واحد، وتتألف من عنصرين، الأول: تفجر الأزمات في جميع أنحاء العالم، إلى الحد الذي فرضت به نفسها علي الداخل الأميركي وبرامج المرشحين، لا سيما في عام الانتخابات الرئاسية. والعنصر الثاني هو تعرض أبرز حلفاء الولايات المتحدة عبر الأطلنطي "الاتحاد الأوروبي" إلى تصدعات غير مسبوقة، منذ نهاية الحرب الباردة عام 1989، بفعل استمرار الأزمة السورية، وطوفان اللاجئين والمهاجرين.
وقال إن أزمة اللاجئين فرضت أعباء جسيمة على حكومات الاتحاد الأوروبي، وسلطت الضوء على الانقسامات العميقة بين دوله، حول قبول مزيد من اللاجئين، في ظل تنامي اتجاهات اليمين، وعدم وجود مخرج لتسوية الأزمة السورية، وهو ما يعني في نهاية المطاف استمرار الأزمات المحتدمة التي فشل قادة العالم في حلها، العام الماضي، وانتقالها بحذافيرها إلى العام الحالي الذي يحمل في جعبته مشكلاته الخاصة أيضا.
وعي الناخب الأميركي
يؤكد رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ريتشارد هاس، الذي شغل منصب مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، خلال الفترة من 2001 إلى 2003، ويضيف إلى مخاوف ليندسي، أن العام الجديد هو عام التحقق عمليا مما وقّع عليه القادة والزعماء نظريا من اتفاقيات دولية كبرى، خلال العام الماضي، مثل الشراكة عبر المحيط الهادي، وقرار مجلس الأمن بشأن سورية، واتفاق المناخ في باريس، واتفاق إيران النووي، تطلبت بذل جهود مضنية في التفاوض. ولا شك أن إنجاح هذه الاتفاقات سيكون أشد صعوبة.
ولا يختلف مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشرق آسيا، كريستوفر هيل، مع هذه التوقعات والمحاذير، وإن كان يؤكد على أن العام الحالي "هو عام الوعي الكوني بالنسبة للمواطن الأميركي العادي"، الذي أدرك أخيرا في عصر العولمة ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي أن العالم ليس الولايات المتحدة فقط، وإنما هي جزء من عالم أكبر، يموج بالمشكلات والصراعات التي حتما ستطال أميركا.
الخارج قبل الداخل
يقول هيل إنه ليس بمقدور المرشح الرئاسي الأميركي أن يتجاهل السياسة الخارجية، كما كان الحال في الانتخابات السابقة، بل أصبحت السياسة الخارجية وليست الداخلية فقط هي بؤرة اهتمام المرشحين والناخبين هذا العام.
وأصبح على المرشح الرئاسي أن يستعرض "حنكته السياسية" في قضايا مثل الإرهاب، والاضطرابات في سورية والشرق الأوسط، والعدوانية العسكرية الروسية، وبروز الصين بوصفها شريكا اقتصاديا وبيئيا، وخصما استراتيجيا في الوقت ذاته، ليس من باب طمأنة الناخبين، وإنما في ضوء البرنامج العملي الذي يحمله، وسيلتزم به في حال نجاحه، لتأمين وسلامة وازدهار المواطن الأميركي.
وحسب هيل، فإن الناخب الأميركي بحاجة حاليا إلى سماع ما هو أكثر من الشعارات المستهلكة، والقدح السياسي المعتاد بين مرشحي الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، حتى يتسنى له أن يتخذ قرارا مستنيرا في نوفمبر المقبل، مثل: كيف ينبغي للولايات المتحدة أن تتعامل مع ما توجده الصين من حقائق على الأرض في بحر الصين الجنوبي، وهل يستمر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلى الأبد، وكيف يتسنى لأميركا أن ترد بقوة وصرامة على العدوان الروسي، دون التخلي عن مشروعها طويل الأمد، المتمثل في التقريب بين روسيا والغرب، وهل يوجد بديل لإعادة القوات البرية إلى الشرق الأوسط؟ وهي تساؤلات أصبحت تتساوى في الأهمية مع قضايا الداخل.