يتعاظم دور منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "اليونيسكو" في مواجهة التطرف والتعصب. ففي ظل الظروف العالمية المضطربة حاليا، والتي تتميز بزعزعة الاستقرار والأزمات وتصاعد التنافس بكل أشكاله، يزداد دور "اليونيسكو" في مجال دعم الثقة والتعاون في المحافل الدولية، وفي الوقوف بوجه تقسيم العالم على أسس حضارية وطائفية، وكذلك في مجال تشجيع التعددية الحضارية. واليونيسكو قادرة على تحمل دورها في تحقيق طموحاتها المثبتة في الوثيقة الخاصة في مجال التنمية لغاية عام 2030 المقرة في نيويورك.

إن ازدياد التطرف بشكل لم يسبق له مثيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتطلب وجود منظومة عمل للوقوف في وجه هذا التطرف وكره الأجانب والتعصب الديني والقومي.

ويجب بذل أقصى الجهود لحماية الموروث الثقافي العالمي الذي يتعرض اليوم لأضرار بالغة نتيجة سلوك مسلحي "تنظيم داعش".

في هذا المضمار، أشير إلى الأساس القانوني لتعزيز الجهود في هذا المجال وهو اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حماية الموروث الثقافي في حالة نشوب نزاعات مسلحة، والذي أُقر عام 1954. وانطلاقا من هذا ينبغي دعم ومساندة الجهود التي تبذلها اليونيسكو في هذا المجال.

وفي السنوات الأخيرة اضطررنا -مع الأسف- إلى مواجهة تسييس العلاقات الإنسانية المتضمن إجراءات تمييزية تفرق بين رجال الثقافة والفن، وتمنع عرض المعروضات، وتنفذ عمليات تدمير النُصب التاريخية، وكذلك تحديد نشاط رجال الصحافة والتمييز الظالم بين وسائل الإعلام على أساس قومي، هي في مجموعها انتهاك لحقوق الإنسان في التواصل ثقافيا وفكريا، وبالتالي تسبب ظهور حواجز جديدة.

وهنا أشير أيضا إلى المبادرة الروسية من أجل الموافقة على الوثيقة الدولية بشأن دعم التبادل الحر والتعاون في مجال الثقافة والفنون، وإلى استعداد روسيا للعمل من أجل دعم هذه الوثيقة، استنادا إلى مبادئ منظمة اليونيسكو الأساسية. ومن الضروري، في ظروف التغيرات العالمية السريعة، دعم إمكانات اليونيسكو بشأن ضمان الاستقرار والتقدم لمنفعة كل الدول والشعوب.

لقد أصبحت بلادنا عضوا في منظمة اليونيسكو عام 1954، وهذا فتح آفاقا إضافية في مجال انخراطنا في التعاون الدولي في مجال التعليم والعلوم والثقافة والمعلومات، وساعد على توسيع دور اليونيسكو في حل المسائل المعاصرة ذات الأولوية، ويمكننا اليوم أن نقول بثقة، إن التعاون بين روسيا واليونيسكو هو مثال يقتدى به.

أخذت روسيا، خلال الدورة الـ38 لمنظمة اليونيسكو التي عُقدت في باريس، في الحسبان بما أنها دولة ذات ثقافة وتاريخ حضاري متجذر وترعى التعايش السلمي بين مختلف طوائفها الدينية والقومية على مدى قرون طويلة، أن تؤكد استمرارها في هذا النهج والإسهام الجاد البنّاء في نشاط المنظمة، ومساعدتها على تجاوز المشكلات التي تواجهها.