مع قرب نهاية ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، والدخول في سباق الانتخابات الرئاسية، التزم الحزبان الكبيران "الديمقراطي والجمهوري" بصياغة سياسة خارجية تختلف عن سياسة أوباما الانعزالية، تضمن استمرار قيادة واشنطن للعالم، من خلال الدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية، إلى جانب القوة العسكرية.

 




مع قرب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، وفي ذروة معركة الرئاسة في العام الجديد 2016، كشف تقرير حديث عن التزام قوي من قبل الحزبين الكبيرين" الديمقراطي والجمهوري"، بقيادة الولايات المتحدة للشؤون العالمية في القرن الـ21.

يأتي هذا التقرير الذي أصدره معهد "أميركان إنتربرايز"، في وقت تزايدت فيه شكوك حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في الخارج، لاسيما في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، حول أسباب الانعزالية الجديدة، فضلا عن تساؤل بعض الأميركيين عن قدرة بلادهم على قيادة العالم والحكمة من ذلك، كذلك إعادة تقييم التكاليف والفعالية والعائد منها، لسببين رئيسيين: حروب العراق وأفغانستان، التي جاءت دون جدوى، والأزمة الاقتصادية، مما أفرز مزيجا من التشاؤم والقلق.

وترجع أهمية هذا التقرير، المعنون بـ"مكانة القيادة الأميركية في الشؤون العالمية"، إلى أنه يعكس التوافق الأساسي لقيادة الولايات المتحدة، باعتباره حاسما للأمن والازدهار للشعب الأميركي، حاليا وفي المستقبل، كما كان الحال قبل 70 عاماً، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.

وحسب التقرير، فإن القوة العسكرية للولايات المتحدة ليست سوى أداة واحدة للمشاركة الخارجية، كما أنها لا يجب أن تكون الخيار الأول إلي جانب الدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية.

هذه الجوانب المختلفة للقيادة العالمية، مرتبطة في الواقع ارتباطا وثيقا، وغالبا ما يعزز بعضها بعضا، إذ إن عبقرية النهج الأميركي تكمن في إعادة ترتيب ركائز القيادة العالمية الثلاث، بحيث تصبح النتيجة النهائية "إيجابية".

 


رفض التخندق الأميركي

السياسة العالمية في القرن الحالي - ووفقا للتقرير - لا تقبل الفراغ أو التخندق الأميركي، لأسباب متعددة، منها أنه لا توجد قوة عالمية أخرى تمتلك القدرة على الحفاظ على أمن العالم وحماية الأسواق المفتوحة شرقا وغربا "مجانا"، فقد كشفت تجاوزات الصين المتزايدة وأساليب روسيا الانتقامية، وتقلبات كوريا الشمالية الفجائية، فضلا عن وحشية تنظيم داعش، عن حاجة العالم للقيادة الأميركية في الخارج أكثر من أي وقت مضى.

كما أن الولايات المتحدة لا يمكنها فك الارتباط مع المجتمع الدولي، حتى لو رغبت في ذلك، نظرا للطبيعة المترابطة في مجالات التجارة العالمية، والاتصالات، والسرعة التي يمكن أن تمارس بها القوة العسكرية، على خلاف ما كان يحدث في الماضي، فقد صاغت العولمة واقعا جديدا وغير مسبوق من اندماج الاقتصاد العالمي وثورة المعلومات والاتصالات، وفي الوقت نفسه أتاحت فرصا للمنظمات الإرهابية والجهات غير الحكومية على حد سواء لتنظيم ودعم وارتكاب هجمات عبر الحدود الدولية بطرق جديدة وسريعة.

 





أهداف خمسة

يؤكد التقرير أن هناك خمسة أهداف ستركز عليها السياسة الخارجية الأميركية، يتصدرها توفير سبل الدفاع والحفاظ على المصداقية مع الحلفاء، فضلا عن توفير المساعدات للمحتاجين في جميع أنحاء العالم، وهذا كله لن يتحقق، طالما بقيت القدرات الأميركية ضعيفة في ظل استمرار تخفيض الميزانيات العسكرية مما يقوض هذا الهدف المركزي.

ومن بين الأهداف الأميركية، بناء شراكات وتحالفات مفيدة لكل الأطراف، تزيل شكوك الحلفاء في قدرة و استعداد أميركا للقيادة العالمية، وفي ظل اعتقاد بأن التعاون مع الحلفاء هو الذي يحمي الداخل الأميركي، مثلما يؤمن الحلفاء أيضا، لاسيما أن أحداث 11 سبتمبر2001 أثبتت أن هذا التعاون منع نحو 60 هجمة إرهابية خطط لها ضد الولايات المتحدة.

وتتضمن الأهداف تعزيز قيم السوق الحرة، والحفاظ على الوصول المشترك للعالمية، تبدو أهمية ذلك أكثر بعدما لاقت أفكار مزج الاقتصاد الرأسمالي والشيوعي، كما هو الحال في الصين، قبولا وجاذبية في العالم النامي، إلى جانب التصدي لتهديدات القراصنة والتلاعب بالنظم القانونية الدولية التي تمنح بعض البلدان الحقوق الحصرية مما يهدد التجارة الدولية في المستقبل.

آخر هذه الأهداف هو الحفاظ على توازن القوى عبر "أوراسيا"، خصوصا أنه في ظل غياب قيادة واضحة لأميركا عن الساحة العالمية بدأت روسيا تظهر ميولها العدائية ضد جيرانها الأوروبيين، أما الصين فقد وسعت نفوذها الاقتصادي في آسيا وإفريقيا، وتزايد تمويل إيران للجماعات الإرهابية التي تهدد الشرق الأوسط.




أهداف السياسة الأميركية

 


الحفاظ على المصداقية مع الحلفاء


بناء شراكات مفيدة لكل الأطراف


تعزيز القيم الاقتصادية الليبرالية


التصدي للمتلاعبين بالنظم الدولية


الحفاظ على توازن القوى عبر أوراسيا