في تصنيفاتهم القبلية: ننتمي إلى قبيلة أو جماعة أو مجموعة لم يكن لنا الفضل في الانتماء إليها.
خلقنا من أبوين ينتميان إلى هذه أو تلك القبيلة، فصار انتماؤنا لها بالولادة، ولا أعتقد أن هناك ما يميز تلك القبيلة أو المجموعة أو الجماعة عن الأخرى.
لذا، أرى أن هذا من تصنيفات الجاهلية القديمة البالية التي لن تضيف إلى إنسان اليوم سوى مزيد من الزهو والفخر بما لا يملك وما لم يملك ولن يملك.
فنسبوا صفات الفرد الحسنة لها، وتبرؤوا من صفاته السيئة. فكيف يكون منها؟ وكأن الكائن مدبلج، خلق بكل ما فيه من هذه القبيلة أو الجماعة أو المجموعة! في إلغاء تام لكون الفرد ينمو ويتشكل بناء على فكره وتطوره وإيمانه وقناعاته، وخلال مجموعة من المؤثرات حوله.
وفي تصنيفات الأعراف: ننتمي إلى طبقات ربما تكون مخملية، كأن يفاخر أحدهم بأنه من علية القوم أو الجماعة، ولا أجد أن هذه التصنيفات أضافت إلى الإنسان ما يجعله مميزا في خدمة البشرية، ولم تحرم من لم ينتم إليها.
بل على العكس، إننا لم نفز بأي جوائز أو نحقق تميزا وتفردا أكسبنا هذه الصفة أو تلك.
وفي تقسيمات المدن: ننتمي إلى مدن أو قرى أو هجر، وربما لم نولد فيها، ولم نترعرع ولم نعش فيها، وعلى الرغم من البعد واختلاف الكثير عنا، لكن هي أصول الأجداد والآباء فننتسب إليها.
وفي تقسيمات الجنس: فقد تكون رجلا أو امرأة، ويا لحظك التعيس عندما تنتمى إلى جنس "الحلقة الأضعف"، وهو المتهم حتى تثبت براءته، مخالفين بتلك القاعدة القانونية وهي: "أن المتهم بريء حتى تثبت براءته"، ما زالت المرأة تحاول أن تلتمس دربها وتحصل على حقوقها التي لم تحصل عليها بسبب ظلمها نفسها، أو ظلم العادات والتقاليد والأعراف والمجتمع وبعض الأنظمة.
فنبرر أفعالنا قبل فعلها، وتكون المرأة المتهم في فعل الجريمة، ففي قضايا التحرش -مثلا- ينسون الفعل والفاعل ليوجهوا اتهامهم إلى الضحية.
لقد خلقنا وترعرعنا ونشأنا ننتمي إلى جماعة أو قبيلة أو مذهب أو مكان أو.. بلا حول منا ولا قوة، لكن بعد كل هذا.. من نحن ومن نكون؟
يفترض أننا كائنات بشرية، حرة، تكونت من المحيط حولها. خلقنا في هذه الأرض بقضاء الله وقدره، ويجب أن يكون التعايش قبيلتنا، والأرض هي طبقتنا التي ينتمي إليها الجميع، فقد خلقنا من تراب وإلى التراب نعود.
ننتمي إلى الإنسانية في تكويننا الكبير، نحب الخير وندافع عن حقوق أخينا الإنسان.
اتركوا التقسيمات والتصنيفات والطبقيات، تلك التي وُجدت من أجل أهداف تسلطية، وقبل كل هذا تكثف ثقافة الصراع والنزاع والتفاخر، والتي لا شرف للإنسان بها، وازرعوا بذور التنافس الشريف، والتي تؤسس لفضل الإنسان وقيمته بما يقدم لمجتمعه، وللبشرية.
اتركوا التمسك بأفكار الجاهلية.. لتعرفوا من تكونوا ومن أنتم.