ذاك الشخص المهاب إذا دخل أو خرج. إن مر بك وقفت إجلالا له. إذا حدثك أنصتّ إلى ما يقول. تستمع له أكثر من والديك.
نعم، إنه المعلم، مَن وضع ليعلم، وينقل مختلف المعارف والمهارات إلى أبنائنا في مدارسهم، ليخرج لدينا جيل يخدم هذا الوطن في كل مجال.
هو يعالج ويوجه ويرشد فكرا. يغلق باب صفه الدراسي ويبدأ في الحديث إلى عقول تتأثر بما يقول ويفعل، وتصرفاته تحسب له أو عليه.
للمعلم هيبة في كل زمان ومكان، لا تتغير بتغير الظروف، ولكن الذي حدث أن المعلم نفسه لم يقدر ذاته.
أما من عرف حقا قدر نفسه، فهو ما زال ذلك المنبع الصافي والمرشد الوافي، ودليلي على ذلك هم المتفوقون من أبنائنا في مختلف المجالات، فكيف تفوق هذا الطالب لولا وجود معلم حاذق ومرب فطن!.
الأسرة لها الدور الأكبر في المتابعة، ولكن يظل الأصل المدرسة وما تقدم من أفكار ومعارف للطالب.
حلّق معي بذاكرتك أخي القارئ، وتذكر من بين معلميك الشخص الذي ما زال عالقا في الذاكرة، أنا على يقين أنك لن تتذكر إلا من كان ذا عطاء وحرص عليك.
للمعلم عام دراسي يقضيه مع طلابه. عليه أن يقدم خلاله مختلف المعارف الهادفة بأساليب تنمي ميولهم وتعدل اتجاهاتهم، وتبني قيمهم وفق النهج الصحيح. المعلم يحمل رسالة عظيمة وعليه احترامها وإظهارها بما يليق بدءا بنفسه.
ولا يخفى علينا أهمية سمت العلماء، والذي ميزهم عن غيرهم من عامة الناس، فللعَالِم هيبة ووقار، فرضها عليه ما يحمل داخله من علوم ومعارف شرعية دينية كانت أو حياتية، والله تعالى رفع أهل العلم على سائر الناس فقال: "يرفع الله الذي آمنوا منكم والذي أوتوا العلم درجات"، وكما أن العَالِم ينفع الناس في أمور دينهم ودنياهم، كذلك هو المعلم يتعامل مع عقول في مقتبل العمر، وله عليها تأثير كبير، فمتى ما شعر الطالب أن المعلم حريص وفاعل مؤثر عليه أخذ منه، وأجل له الاحترام والتقدير. ومن يصنع ذلك؟
إنه المعلم نفسه، فإن حفظ لنفسه قدرها وحقها، وتميز بذلك السمت المعروف عن المعلم وهيبته، لن يجد من يقوم له بهذا الدور، ويأتي دور المجتمع بعد دوره الأكبر.
لكننا في أيام الاختبارات وفي مدارسنا نشاهد مظاهر تعد شاغلا للطالب عن أداء الاختبار. الطالب حضر مجهد الفكر والبدن، لا يريد أكثر من كلمة طيبة وجو هادئ لا أكثر، أما أن يشغل بشيء آخر فلا أعلم ما الإجراء النظامي في ذلك، عندما يقوم أحد المعلمين أو إدارة المدرسة بتصرفات تؤدي إلى تشتيت انتباهه عن أداء الاختبار، مثل توزيع المرطبات والمشروبات الساخنة والحلويات والبخور وغيرها، وسؤالي إلى صاحب هذا التصرف: هل تعلم أن هناك طالبا على الأقل بين طلابك لديه ضيق تنفس، وطالبا يعاني الربو، وآخر لديه حساسية، والبخور ربما يؤثر عليه وربما يتسبب في أزمة قلبية له؟، وهناك طالب بصري يتأثر تفكيره بما يشاهد حوله من ملهيات عن أدائه للاختبارات.
الاختبارات إجراء نظامي رسمي، ويجب أن يتعامل معها بإجراء نظامي مماثل، ولا يهمل العامل النفسي، ولكن وفق ضوابط محددة، أما ما نشاهده أخيرا من تصرفات لا تتجاوز كونها فردية، فيجب أن يتخذ في حقها إجراء رادع.