تضاد العلم والجهل قضية العقل البشري. منذ بدايات الوجود الإنساني أخبرنا الله بإعلام عنه على لسان رسل اختارهم الله لينزل عليهم كتبه، ويقين كل مؤمن، أن إيمانه لا يكتمل إلا بتلك الرسل وكتبهم.

قصص السيرة النبوية لمن أجاد البحث في محتواها غاية في ملء العقل بالمعرفة، وتقود مرتادها إلى سجية اليقين بمنهج التعلم الصحيح. ما أذهب إليه في عنواني هو "تعلم الجهل"، وقد يخالج كثيرين سوء اختيار العنوان، إنما خلال تتبع قيمي في محاور عدة أصبح ينتجها العقل العربي، أدركت أن نتاج التعلم جهل، خلال الممارسات السلوكية واللفظية.

هنا لا أعمم التصنيف، لكن هي مشاهدة تستحق أن تصنف كظاهرة جهلية تؤرق العقلاء. اليوم، للعقل حضور في تنمية الحياة وبناء الحياة وتقنية الحياة وصناعة الحياة المادية، وبالنقيض للعقل حضور في هدم الحياة واغتيال الحياة. السلام يقوده العقل والحرب يقودها العقل. الحب والبغض أصبحا يمتطيهما العقل بقيادته للقلب. لذلك، أجل الإسلام تشريعا حضور العقل، وفرض كثيرا من أركانه بتكليف العقل. خلال استمرارية إسقاط المعرفة الرقمية مارس العقل البقاء في دائرة اللهو بمتعة الجهل وعجلة التفكير، لا يتجاوز دورانها بين استيقاظ على متعة وغفوة على متعة. لك أيها المتلقي هنا أن تصنف شعوب العالم بين "فقر وجهل- غنى وجهل- فقر وعلم - غنى وعلم"، من كل شعوب الأرض تجد شعبا يعيش إحدى مفردتين من بين التنصيص، ولك أيضا أن تدير عقلك بإنصاف أي إنسان أنت تقع في دائرة الشعوب. حينها تجد العلم علوّا ورقيا وأثرا يبقى لمن حمله، وإن كان فقيرا بماله، والجهل دمار لحامله، وإن كان غنيا بماله. ما أرهنه لعقولنا جميعا أن نستيقظ من تعلم الجهل، ونغدق أذهاننا أن للحياة بقاء خلف رحيلنا، هو علما نتعلمه ليقود أجيالنا إلى ثقافة الإنتاج الفكري والتقني والمادي.

كعقلاء، نحن مسؤولون عن جيل قادم، لا نجعل شعار الرق الفكري يرتفع في عقول أبنائنا حتى يحصد الوطن ثمار العقوق الاتكالي، حينها نجد فكرا مؤدلجا حتى لمنظريه يخترق عقول أجيالنا القادمة.

تعلموا العلم بحقيقة المعرفة التامة وتوسل اليقين أن يخبرنا بالمزيد عن الجهل، لنصنع عقولا تدرك قيمة التعلم للعلم، وطرد تعلم الجهل.