يظهر "فطن" في غاية الأهمية الآن، ويأتي "فطن" هنا بمعنى أن تقف بوعي أمام كل فكر مشوه ومتطرف وغير سوي، وإعمال العقل والفكر وتقنين التلقين الموجه، والتأكيد على ما يدور في أروقة وحجرات التعليم بكل مراحله. وبالتالي نأمل أن "فطن" سيكون ممارسة عملية على أرض الواقع أيضا ولها خططها وشموليتها والأكفاء من القائمين عليها.

والفطانة هنا ليست مجرد مبادرة نظرية، بل يجب أن تكون بالفعل قادرة على إيجاد معالجة متوازنة واقعية مستدامة في الخروج من أزمة الوعي والمضامين التي تمس فكرة الإقصاء للآخر، والتطرف، والفهم المشوش لمعنى السلام والمسالمة وتعميق مفهوم الإنسانية في بعدها التاريخي.

ويأتي هنا السؤال ما الذي يريده برنامج "فطن" من التعليم؟ وهل لدى القطاع التعليمي كوادر كافية لتبني المبدأ الذي يقوم عليه مشروع فطن أم أن الشريحة الكبرى في قطاع التعليم غير قادرة على تلبية طموحات مشروع فطن بالتفاعل مع مستجدات الحياة والعصر ومتغيرات العصر وفهم متطلباته وفي قياس نواتج تحققه من عدمه.

يجب الإشارة إلى أن من أولويات المرحلة الحالية التي يمر فيها مشروع فطن هو توجيه سياسة التعليم وخططه وبرامجه إلى تحقيق رؤية طموحة من "الفطانة" التي تتطلب نوعية جديدة من المعالجة تؤكد قبل كل شيء على أهمية قناعة الجميع بأن ما يتم تقديمه حاليا في هذا المجال أو التوجه لن يتكامل إلا بالتزامن مع الوعي الفردي لكل شخص في المجتمع، وبالتالي فإن الممارسة الحقيقية للفطانة إنما تكون من خلال الانسجام والتعاون والمواءمة بين الأطراف الثلاثة: التعليم المدرسي والشارع والمواطن. إن ما يتم في هذا الموضوع من ممارسة غير كاف، في ظل عمل ما زال لم يتحول من مرحلة الاجتهاد الفردي المؤسسي إلى مرحلة المشروع الوطني المتكامل.

إن هذا التوجه يتطلب بلا شك أن تضع مؤسسات التعليم لنفسها معايير أداء محددة، ورؤى واضحة، وهي بذلك تطرح لتحول نوعي يستشرف مرحلة جديدة من العمل الجاد الذي يؤكد على وضوح الرؤية وبناء المعايير والشفافية من خلال "فطن".