جرت انتخابات "فرعية" في عدد محدود من الولايات الأميركية، مطلع الأسبوع الماضي، ومغزى نتائجها تأثيرها على الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة في ظل أداء متواضع للحزب الديمقراطي في بعض مراكزه القوية، وفوزه في البعض الآخر، ودلالات نجاح خصومه في الحزب الجمهوري وما يشكله من تحديات إضافية لقيادة الحزب.

من بين الولايات "الإشكالية" للحزب الديموقراطي كينتاكي وفرجينيا، إذ تصوت الأولى عادة لمصلحة الحزب الجمهوري، لكن مجلسي النواب والشيوخ يخضعان لسيطرة تيار محافظ في الحزب الديموقراطي، والذي لا يتورع عن تسجيل اختلافه مع قيادة الحزب. اتخذت ولاية فرجينيا نقلة نوعية في العقد الحالي بالتصويت لمصلحة الحزب الديموقراطي، مما أسفر عن منصب حاكم الولاية لصالحه، في السابق، بينما أخفق مرشحوه في حصد أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ للولاية.

ما يثير الانتباه والقلق لدى الحزب الديموقراطي أن منصب حاكم ولاية كينتاكي فاز به المرشح الجمهوري مات بيفن ونائبته السوداء (من أصول إفريقية) جنين هامبتون، بنسبة 53% مقابل 44% للحاكم الديموقراطي الحالي جاك كونواي، الذي بشرت استطلاعات الرأي بفوزه قبل بضعة أيام من إجراء الانتخابات؛ وهي المرة الثانية لحاكم جمهوري منذ عام 1971 وفاز الحزب الجمهوري أيضاً بمناصب رفيعة أخرى في الولاية.

أفضل النتائج للحزب الديموقراطي جاءت من ولاية بنسلفانيا المحورية، واستطاع مرشحوه الثلاثة الفوز بالمناصب الشاغرة في المحكمة العليا للولاية، وما يمثله من نفوذ يحدد ملامحه المستقبل القضائي للولاية. بينما فاز الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ في الولاية، 31 مقابل 19 للخصم الديموقراطي.

كذلك سجل الحزب الجمهوري بعض التقدم في المجالس النيابية لولاية نيوجيرسي، التي يتربع على منصب حاكمها الجمهوري كريس كريستي؛ الى جانب بعض الإنجازات في تشريعات مقترحة في عدة أماكن، من بينها مدينة هيوستن التي صوت فيها الناخبون بمعارضة اقتراح للحزب الجمهوري "لحماية الهوية الجنسية/ الجندرية" لخشيته من إقدام "رجال على ارتداء ملابس نسائية ودخول المراحيض المخصصة للمرأة".

استناداً إلى اللوحة الأولية، فإن أوضاع الحزب الديموقراطي لا تبشر بالخير في الانتخابات الرئاسية. وعبر أنصار الحزب عن قلقهم من خسائر تنبئ بفوارق حضارية بين الحزب الديموقراطي والناخب الأميركي، فضلاً عما ينطوي عليها من "سوء تقدير اليسار لجهوزية قاعدة انتخابية تحمل تبعات تغيرات اجتماعية، مما أثار ردود فعل عنيفة من قبل التيار الرئيسي للناخبين والذين لديهم مصلحة في الحفاظ على الوضع الراهن".

إن جولة الانتخابات المتواضعة "شهدت إقبالا ضعيفا من الناخبين، جرت في حفنة من المجالس المحلية"، وحثت التيار الليبرالي الجاهز لتبرير قصوره في النظر إلى "لماذا ينحو معظم الناخبين المواظبين على مناوءة مستمرة لوجهات نظرهم، أو التعرف على سر عزوف جمهور الناخبين عن تبني المواقف الاجتماعية الليبرالية".. وأسفرت عن هزيمة عميقة للديموقراطيين في انتخابات غير رئاسية تجري في عهد أوباما، وخففت من حظوظ الحزب على مستوى المجالس التشريعية المحلية، وحكام الولايات، ومجلسي النواب والشيوخ في الولايات.