على إثر سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء التي أودت بحياة 224 شخصا و17 طفلا، ظهرت ردود فعل على وسائل التواصل الاجتماعي تتشمت في موتى الروس المدنيين الأبرياء، وأن الحادث بمثابة انتقام إلهي من روسيا.
حقيقة، لا أدري كيف يمكن لأمة في القرن الواحد والعشرين أن تبتهج لمقتل ضحايا مثلنا مثلهم، منهم أطفال لا حول لهم ولا قوة؟ كيف لا زلنا، وإلى هذا العصر، نرى في العنف حلا؟.
إنها عنصرية مقيتة، وكراهية فجة، تغلفنا من قمة رؤوسنا وحتى أخمص أقدامنا! أي نوع من المتناقضات تعيشها مجتمعاتنا؟! بشر نصفه الأول يعيش الإنسانية فيبكي على أطفال سورية ويترحم عليهم، ونصفه الآخر وحشي يهلل فرحا بدماء أطفال روسيا!
أن تبكي على أطفال سورية، فهي إنسانيتك التي نشاركك فيها، ولكن أن تشمت بدماء أطفال روسيا في الوقت ذاته، فهنا تسقط كل ذرة من إنسانيتك، بل ولم يبق لها أي حيز من الوجود. كيف غابت الإنسانية فينا؟ أين قيم التراحم والتعاطف الإنساني؟ وأين كرامة الإنسان التي أمرنا الله برعايتها؟ لا نخجل أن نعلن على الملأ أن إنسانيتنا ورحمتنا وتعاطفنا للمسلمين فقط، ثم نغضب إذا اتهمنا العالم بالتعصب والعنصرية!
الأخبار تشير إلى أن لجان التحقيق مشغولة لمعرفة أسباب الحادث، ونحن مع الأسف مشغولون بأحاديث تشبهنا من قبيل: هل سقوط الطائرة تعبير عن غضب الله وعقوبته لمن أفسد وكفر وطغى أم أنه حادث طبيعي لا علاقة له بإيمان أو كفر؟ هل تجوز الرحمة على الكفار الروس؟
يقول أحد الدعاة في صفحته الفيسبوكية: "نعم نشمت في كل طاغية وكل صليبي قتل أو نكل بالمسلمين، ومصاب هؤلاء ما هو إلا نذر يسير من انتقام رب العزة من هؤلاء الصليبيين، ونسأله تعالى المزيد".
يقول أحد المغردين في سلسلة تغريدات شامتة بسقوط الطائرة: "الحمد لله والشكر لله، سقوط طائرة روسية في سيناء كل ركابها روس". وأضاف: "معظم الردود تقول ما يجوز هؤلاء أبرياء؟ سبحان الله، وهل باركنا قتلهم؟ نعم لا يجوز قتلهم، لكننا نفرح بكارثة ربانية على الروس"!
وفي تغريدة شامتة أخرى: "الذي حزن على سقوط الطائرة لأن فيها أطفال، لو كان عنده فقه لعلم أن وفاة الأطفال خير لهم من نشأتهم بالغالب على الأرثوذوكسية، قدر الله كله خير".
في هذه الأثناء، قفز إلى ذهني سؤال: هل الحيوانات أكثر رحمة من البشر؟ كثيرة هي القصص التي نسمع عنها أن الحيوانات تتمتع ببعض القيم الأخلاقية، التي تظهر فيها تعاطفا تجاه حيوانات أخرى أو تجاه البشر، مثل تجربة رفضت خلالها قردة جائعة إيذاء قردة أخرى بالتيار الكهربائي حتى لو حصلت بموجب ذلك على الطعام، أو قصة الغوريلا التي قامت بحماية طفل في الـ3 من عمره سقط في قفصها، أما هذا الإنسان الذي كرّمه الخالق بإنسانيته وميّزه بنعمة العقل، إلا أنه في كثير من الأحيان يرتد إلى بهيمية ووحشية مفرطة، تفوق أشرس الحيوانات!
أخيرا: أختم مقالي بعبارة موجزة لأحد المغردين: "لكل من شمت واستبشر بحادثة سقوط الطائرة الروسية، هو إنسان مريض ومختل عقليا".