وجدت القوانين دائماً لتكون تنظيماً لسلوك الأفراد مع بقية الأفراد في المجتمعات الإنسانية، وتزيد من وعي الإنسان بالمقدرات العامة للمجتمع، ولحماية تلك المقدرات إلى أقصى حدٍ ممكن. وعادة ما يتم حماية القانون بفرض عقوبات متفاوتة تُعتبر رادعة لمن يحاول كسره أو تجاوزه، وهي عقوبات جزائية تقف على تنفيذ إمضائها السلطة بأشكالها المختلفة، قبلية كانت أم حكومية.
والتعريف الأقرب إلى ماهية القانون حسب موسوعة الويكبيديا: "القانون هو مجموعة القواعد التي تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، وتكون مصحوبة بجزاء توقعه السلطة العامة على المخالف عند الاقتضاء. إذًا فالقانون علم اجتماعي، موضوعه الإنسان وسلوكه مع نظائره، أعماله وردود أفعاله، وهذا موضوع ضخم، متغير المضمون، غير معروف على وجه التحديد ويصعب عرضه بدقة في أغلب الأحوال، وهدفه حكم الجماعات الإنسانية، حتى لا تترك العلاقات بين الناس، عائلية أو اقتصادية أو سياسية، فوضى ينظمها كل فرد وفق رغبته ومشيئته، وإلا صدقت وتحققت مقولة الفيلسوف بسوت Bossuet: "حيث يملك الكل فعل ما يشاؤون لا يملك أحد فعل ما يشاء، وحيث لا سيد، فالكل سيد، وحيث الكل سيد فالكل عبيد".
لذا كان لا بد للمجتمع من نظام يحكم العلاقات بين الناس ويفرض الأمان في المجتمع، والقانون مصحوب دوماً بجزاء توقعه السلطة العامة على المخالف عند الاقتضاء حتى يكون التنظيم إجباريا على سبيل الطلب الجازم بالأمر أو النهي وليس على سبيل المناشدة أو الرجاء.
للقانون مباحث كثيرة باعتباره علماً اجتماعياً بالدرجة الأولى، ولكنه جد صعب ومعقد، لذلك فإن ما يرد بشأنه من تعريفات مرن جداً، ويتضمن عدداً من وجهات النظر والاستثناءات، وذلك على خلاف العلوم الرياضية كالفيزياء والكيمياء، وفي أغلب الأحيان يختلف القانون في مضامينه من مجتمع لآخر حسب الإرث التاريخي لكل مجتمع ومن أبرز فروع القانون نجد القانون العام والقانون الخاص".
إذًا وحسب هذا التعريف فالقانون متغير بحسب الحاجة إليه، القانون الذي ينجح في ضبط إيقاع الحياة والتعاملات الخاصة والعامة، يكون مصدراً لأمن واستقرار مجتمعه، لكن نجاحه هذا لا يشفع له في مكان آخر ومجتمع آخر له طبيعته وتكوينه، وهذا منطقي جداً.
وتظل مشكلة التعامل مع القانون ومحاولة التمرد عليه أو اختطافه، محاولات فردية، قد يُكتب لبعضها النجاح وسط المجتمعات قليلة المعرفة بحقوقها وواجباتها، وتفشل في المجتمعات المتقدمة فكرياً، فهي قادرة على تقديم حلول قانونية بديلة في حال عجزت عن سد ثغرات القوانين المعمول بها، من خلال إخضاعه للتطبيقات اليومية الحياتية، لمعرفة وعرض أسباب فشله على الجهات التشريعية.
وهنا يمكن وصف ذلك القانون المُخترق بالقانون المثقوب، نتيجة سماحه للبعض باستغلاله، من خلال ثغرة في نصه المكتوب وتطبيقاته على المسائل المختلفة التي وضع من أجل تنظيمها، وعجز المشرع في سد تلك الثغرة.
مشكلة المجتمعات العربية مع القانون أنها تبحث دائماً عن كيفية اختراقه، قبل كيفية تقديره واحترامه!
فهل يحتاج الإنسان العربي إلى العصا قبل القانون وبعده، ليكون محل تطبيقه؟ وهل أدمن إلى هذا الحد العلاقة مع العقوبة والرهبة من عواقبها وليس تقدير الهدف من وضع القانون؟
انظروا كيف نتعامل مع حل مشكلاتنا عبر القانون، وانظروا بالمقابل إلى ردة الفعل على أية قوانين جديدة، سوق الأسهم، وسوق العقار، وخلافات المثقفين مثالاً.
لماذا إذًا لا نتفهم الهدف من وضع القانون، ونبدأ العمل بمضمونه؟!