أعتذر أولاً، لصحيفتي ولقرائي الكرام على غيابي القصير لظرف سفر طارئ. قضيت بضع سويعات من نهار ما قبل الأمس في ردهات معرض الشارقة الدولي للكتاب وهو للحق سيصبح تظاهرة العرب الثقافية الأولى بلا منازع. شكراً جزيلاً من الاعماق للشيخ الدكتور سلطان القاسمي، لأنه لازال يبرهن أن لأمته بصيص أمل من مستقبل في وسط هذه الخريطة الحمراء الساخنة. هنا لن يسعفني الوقت ولا المساحة كي أتحدث عن أهم رابع معرض دولي للكتاب، ولهذا ساكتفي بكتابة وتوصيف المعايير الدقيقة التي يختار عبرها هذا المعرض شخصية العام الثقافية. وقبل خالد الفيصل، كان العملاق الآخر، محمد بن عيسي، المغربي مؤسس مهرجان "أصيلة" أول الفائزين للتكريم في هذا المعرض وهنا كأن تظاهرة الشارقة تتحدث عن "إضاءة الحلم" لتكريم النبلاء الذين نذروا حياتهم من أجل الهدف الأعلى كصناع للثقافة والفكر في هذه الخريطة العربية.
وعلى هوامش معرض الشارقة الدولي للكتاب، يختال الجناح الصغير لضيف شرف الجائزة تاريخه، صوره، سيرته وإنجازاته الثقافية. ومن قبل الأمس، حضرت عشرات الاحتفالات للاحتفاء بخالد الفيصل ولكن للحق: لا أعرف، وللحق، كيف استطاع معرض الشارقة للكتاب أن يجمع كل أولوياته التاريخية في "ألبوم" مذهل لم نستطع حتى نحن أقرب المقربين له أن نكتشفه. أول صورة إلى اليمين، ليست سوى الصورة الأولى وهو يسلم جائزة الفائز للتفوق المدرسي في "جائزة أبها" وهي للبرهان أولى مبادرات كل الجوائز الوطنية. وللدهشة كانت الصورة بالأبيض والأسود على عكس الصورة الأخيرة التي احتفت بكل الألوان وهو يسلم قبل أشهر آخر فائز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام. وما بين الصورتين شاهدت كل ما يلي: صانع ثقافة عربية حديثة يسلم الجوائز إلى الإمام محمد الغزالي وابن عثيمين ومحمد عابد الجابري وعادل إمام وكل ما بين هذه الصور المدهشة من رموز الفكر والثقافة التي مرت بهذا الزمن الطويل ما بين اجتهاد جائزة أبها إلى آخر المعايير الصارمة لجائزة "الفيصل" مروراً بجوائز الفكر العربي وكل ما حولها من أولويات ومبادرات صانع ثقافة حقيقي، وبالطبع لن أنسى أن الأخوين، محمد العامري، مدير المعرض، والدكتور محمد المسعودي، ينقلان لي بالأرقام أن خبر اختيار خالد الفيصل كضيف شرف لمعرض الشارقة للكتاب قد استأثر بمليون وسبعمئة ألف تغريدة في الساعات الأولى المئة من الاختيار. شكراً جزيلاً للشيخ الدكتور سلطان القاسمي، لأنه لم يكرم باختياره الصارم، مجرد جندي لصناعة الثقافة العربية اسمه خالد الفيصل، بل لأنه أكرمنا جميعاً بإكرامه شيخ مشائخ صناع الجوائز.