في وقت ينتظر عدد من ذوي ضحايا حريق مستشفى جازان العام الذي وقع الخميس الماضي، استلام الجثامين، لا تزال اللجان التي أمر بتشكيلها أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر تواصل عملها في التحقيقات عن أسباب وقوع الحادث المأساوي، إضافة إلى التحري عن اشتغال أجهزة الإنذار من عدمها داخل المستشفى وقت اندلاع الحريق.
رحلة الحكمي للبحث عن أمه وجدته
"ضربتان في الرأس موجعة، ولكن الحمد لله على قضائه وقدره" هكذا بدأ رمزي حكمي والدموع تملأ عينيه في سرد رحلته للبحث عن أمه وجدته اللتين ذهبتا ضحيتين لحادثة الحريق، قائلا "تلقيت اتصالا من والدي يطلب سرعة التوجه إلى المستشفى حيث ترقد جدتي في وحدة العناية المركزة، وكانت والدتي ترافقها، وعند وصولي دهشت من هول المنظر وازدحام الناس، وأخبروني بأنه تم توزيع المرضى على مستشفيات جازان فذهبت بحثاً عنهما في مستشفى العميس ومستشفى الأمير محمد بن ناصر ومستشفى الحياة الوطني، ولكن بسبب عدم تدوين بيانات من تم نقلهم، لم أستطع إيجادهما لأقرر بعدها العودة لكل تلك المستشفيات مجددا ولكن في ثلاجات الموتى".
وأضاف "وعدت إلى مستشفى العميس وأروني إحدى الجثث مجهولة الهوية للتأكد ما إذا كانت ممن أبحث عنهما لأرى جثة جدتي أمامي، وبقي أمامي البحث عن أمي، فتوجهت إلى مستشفى الحياة الوطني ولكن أخبروني أنه لا يوجد لديهم جثة لامرأة، وفي صباح اليوم التالي عدت مرة أخرى إلى ذات المستشفى ?رى أمي أخيرا ولكنها جثة باردة، توفيت هي وجدتي نتيجة الاختناق، وحتى بعد إيجادهما لم أستطع استلام جثتيهما بل تم تحويلهما إلى مستشفى الملك فهد المركزي حتى إتمام إجراءات التحقيق الذي قد يستمر لمدة يومين أو ثلاثة".
نجت الفتاة وتوفيت والدتها وجدتها
أوضح برهوم مليح الذي كانت أمه وجدته منومتين في العناية المركزة وترافقهما أخته، أنه كان في المستشفى عصر اليوم الذي حدثت فيه الكارثة، وكانت حالة أمه وجدته في تحسن، وتم نقلهما من قسم العناية المركزة إلى غرفة مجاورة للقسم، مبينا أنه بعد أن تبلغ عن وقوع الحريق اتجه إلى المستشفى، وكان يسأل كل من يجده في الطريق عن عائلته، وسط فوضى عارمة وصياح من كل زاوية، وفي تلك اللحظة وجد أحد الأطباء المشرفين على قسم العناية المركزة وسأله عن حال والدته وأخته وجدته فأخبره أنهم في الغرف ولم يستطع أحد إخراجهم.
وأضاف "وجدت أختي وقد فاقت بعد أن فقدت الوعي وأخبرتني أن أمي وجدتي لا زالتا في الداخل، وأخبرتني أنها حاولت سحب أمي إلا أنها لم تستطع وفقدت الوعي في حينه" مبينا أنه حاول الصعود لإنقاذهما ولكنه منع من الأمن بحجة صعوبة الوضع في موقع تواجدهما، وبعد أن هدأت النيران وانخفض الدخان تم إنزال الأم بعد أن تمكن أحد أقاربه من الدخول للمستشفى من إحدى نوافذ الدور الثاني، فيما تم إخراج الجدة من أحد أبواب الطوارئ، وكانت الجدة قد فارقت الحياة، بينما كانت الأم ما زالت على قيد الحياة، إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن تصل إلى مستشفى العميس.
وأشار إلى أن ما ضاعف تلك المأساة هو التأخر في تسليم الجثامين التي تم تحويلها إلى مستشفى الملك فهد وإيداعها في الثلاجة.
رافق والده الأعمى فمات اختناقا
كان من ضمن ضحايا حريق المستشفى أحد حاملي هوية زائر، علكم أحمد صغير وابنه فضل.
وذكرت حنكشة علكم أن والدها تعرض لالتهابات، وتم إدخاله المستشفى وأجريت له عملية في المعدة مما اضطر ابنه فضل إلى مرافقته كونه فاقد البصر منذ سنوات، وقبل خروجهما وصل إليها خبر الحريق ووفاة والدها وشقيقها.
ممرضون وممرضات وشباب أنقذوا محتجزين
أسعف 85 ممرضا وممرضة في نوبة السهر بمستشفى جازان العام المرضى والمصابين في حادثة الحريق، إضافة إلى دعم المستشفيات والمراكز الصحية بكوادر التمريض، مشكلين نموذجا للتضحية في سبيل إنقاذ الأرواح بالمستشفى.
وأوضحت نائبة مدير إدارة التمريض بصحة جازان فوزية غروي، أن 3 ممرضات بقسم الحضانة و7 في قسم العناية المركزة كان لهن الدور الكبير في إنقاذ وإسعاف الأطفال والمرضى بالقسم خلال نشوب الحريق المبكر، مضيفة أن إدارة التمريض وزعت الكادر التمريضي على المستشفيات التي تم نقل المرضى إليها، إذ تم دعم مستشفى الحياة الوطني بـ27 ممرضة، ومستشفى العميس بـ20 ممرضة.
وبين رئيس قسم الوفيات والولادة بمستشفى جازان العام وائل علاقي أمس، أنه بفضل شهامة وشجاعة رجال جازان المتطوعين تم إنقاذ العديد من المرضى، مشيرا إلى أنه بالرغم من وجود رجال الدفاع المدني بمعداتهم إلا أنهم لم يستطيعوا اقتحام المبنى لتصاعد الدخان بشكل كثيف، لافتا إلى أنهم حاولوا الدخول من المدخل الرسمي للمستشفى ولكن لم يستطيعوا.
وأضاف "أخذنا سلم الدفاع المدني نحن وبعض الزملاء، وأوصلناه إلى سطح الدور الأول وصعدنا وكان معنا الكثير من الشباب وبعض رجال الدفاع المدني، وكانت الخطوة الأولى تكسير النوافد من فوق السطح لخروج الدخان، ونعطي أنفسنا فرصة الدخول للدور الثاني والثالث لإخلاء المرضى والمصابين".
وأكد أنهم دخلوا وسط دخان كثيف وتوزعوا على شكل مجموعات، وبحثوا عن الغرف التي يوجد بها المرضى والمرافقون، وتم إخلاء الدور الثاني وإخراج المتوفين عبر النوافد، ثم صعدوا للدور الثالث وبنفس الطريقة تم إخلاء الموجودين في الدور الثالث عبر النوافد والسلالم.