أكد النائب السابق للرئيس العراقي، طارق الهاشمي، أن انطلاق عملية عاصفة الحزم التي ينفذها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية باليمن شكلت منعطفا تاريخيا في إدارة الصراع بالمنطقة، معبرا عن أمله في أن لا تتوقف عند اليمن فقط، وأن تمتد إلى دول أخرى ما زالت تعاني وجود الإرهاب والجماعات المتطرفة.
وقال الهاشمي في تصريحات إلى "الوطن" إن عاصفة الحزم تعبير واضح عن رفض الأمة لواقع مؤلم، تأكد للجميع أن التعامل التقليدي معه بالتماس الأعذار مثلما كان يحدث في أوقات سابقة، لم يكن مجديا، وفتح شهية الأعداء للنيل أكثر من مصالح الأمة، لافتا إلى أن الانتصارات التي تحققت في اليمن تعد مؤشرا مهما لنجاح التوجهات الجديدة التي تقودها المملكة.
وأضاف أن سبب كل المشكلات في المنطقة هو المخطط التوسعي للنظام الإيراني من خلال تصدير الفوضى وإحياء الفتن وتمزيق المجتمعات، مؤكدا أن ذلك حدث بالعراق، حيث أسهمت سياسة طهران إلى جانب أخطاء الحكومات السابقة، في تغذية التطرف والتمييز الطائفي، وهو ما أوجد ذرائع للتدخل الأجنبي، وشدد على أن ما حدث في العراق حصل بسورية، لا سيما في ظل وجود نظام الأسد الطائفي والدموي.
وحول المحادثات الجارية في جنيف والمتعلقة بسورية وما إذا كانت ستفضي إلى حل سياسي، قال الهاشمي إن هناك شبه إجماع على رحيل الأسد، وأضاف "المشكلة في المرحلة الانتقالية، ولا بد من أن يكون للمملكة دور مهم في ترتيب الأوضاع في فترة ما بعد رحيل الأسد، محذرا في الوقت نفسه من تكرار الخطأ في إدارة الملف العراقي بعد غزو عام 2003، الذي أسهم في تعقيد الأزمة.
براجماتية طهران
وصف الهاشمي إيران بأنها "دولة براجماتية"، مشيرا إلى أن ذلك ظهر بوضوح خلال توقيع الاتفاق النووي، والتنازلات التي قدمتها للدول الكبرى، ومن ثم فإن ثمة توقعات قريبة ستحدث في الملف السوري، إذ لن تتراجع طهران بسهولة، لكن في النهاية لا خيار أمامها سوى المراجعة والاحتكام إلى منطق العقل، وتكييف المواقف طبقا لمصالحها، فضلا عن إجبارها على احترام سيادة الدول، والتوقف عن إثارة القلاقل والتدخل في شؤون الآخرين. وفي هذا الصدد، قال الهاشمي إنه في حال عدم تراجع إيران عن مشروعها التوسعي، فإن لدى العرب كثيرا من الأوراق، من بينها تحصين مجتمعاتها من المذهبية والتطرف، ونقل الصراع إلى داخل إيران، حيث الشعوب العربية الأحوازية، والبلوش، والآذريون، والكرد، والتركمان، وبقية المعارضين الفرس لنظام دولة ولاية الفقيه، الذين ينتظرون أن يمد لهم العرب يد المساعدة.
وتابع "إيران دولة غير جديرة بالثقة، ومن يرغب في السلام لا بد من أن يبرهن بالفعل وليس بمجرد الكلام".
التحالف الرباعي
استنكر الهاشمي ما تردد أخيرا في العراق عن تحالف رباعي مع روسيا وإيران وسورية، وقال إنه في حال حدوث ذلك ستزداد المشكلة تعقيدا، خصوصا أن هناك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لضرب تنظيم داعش، وانضمام الطيران الروسي لن يؤثر فعليا على نشاط التنظيم، بل سيفاقم من معاناة المدنيين، كما هو عليه الحال في سورية.
وحول مستقبل العراق في ظل هذه التداعيات، قال إن أي حكومة، أيا كانت انتماءاتها، ستفشل في ظل وجود إيران، مشددا على ضرورة تحرير القرار السياسي العراقي. ودعا إلى عقد وطني بين العراقيين برعاية دولية، وإقامة علاقات مميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
مستقبل العراق
أكد الهاشمي عدم وجود حاجة لمشروع المصالحة العراقية، إذا أوفت الحكومة ببرنامج نيل الثقة الذي تعهدت به في بداية تشكيلها، والذي تتضمن خمسة ملفات، هي: محاربة الفساد، واستعادة السيادة ومنع التدخل الخارجي، واحترام حقوق الإنسان، والتنمية وتحسين الخدمات، وتحقيق الأمن والاستقرار، وحكومة لكل العراقيين.
وعبر الهاشمي عن آماله بأن يحظى العراق بالاهتمام من أشقائه العرب، وقال "نحن في ذلك نعول كثيرا على الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة، التي أعادت بعاصفة الحزم الأمل بأمة قوية يخشى بأسها ويطلب ودها، ونحن بالتأكيد نقدر انشغال المملكة بملفات أخطر وأحرج، لكننا نتوقع أن يحظى العراق بما يستحقه من اهتمام".