كم عدد الذين يراجعون مستشفيات وزارة الصحة ومراكزها يومياً وشهرياً وسنوياً؟ لا أعرف، فموقع الوزارة على "الشبكة الإلكترونية" لا يورد شيئاً من ذلك، لكن توقعي في ضوء الكتاب الإحصائي القديم أنهم أصبحوا بالملايين من المواطنين الذين لا يستطيعون مراجعة المستشفيات والمراكز الصحية الأهلية نظراً لغلاء خدماتها.

وزارة الصحة حتى الآن، لديها عجز واضح في إمكانيات الفحص والعلاج، وأنا لا أقصد الأجهزة فربما لديها أجهزة متطورة، لكن عدد المستشفيات المؤهلة غير كاف، أمَّا المراكز الصحية التي تعد أهم نقطة في الحياة الصحية حيث المفروض أن توفر طبيب الأسرة والرعاية الأولية، هذه المراكز في الغالب الأعم مهترئة وغير مؤهلة، و"الطب الوقائي" في الوزارة أو "طبيب الأسرة" مجرد لافتات لا أثر لها في حياة الناس، ونقرأ ونسمع أن المراجعين للمستشفيات يأخذون مواعيد بالأشهر وربما السنة وأكثر للوصول إلى الاستشاري المتخصص أو الحصول على سرير في مستشفى لإجراء عملية أو رعاية طبية خاصة، إلاَّ من كانت لديه "واسطة" نافذة و"تمون" على مدير المستشفى -أي مستشفى-! الآن وفي الوقت الذي كما يقال "ليتها بأحمالها تقوم"، أضاف مجلس الوزراء إلى وزارة الصحة أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون طالب وطالبة ومعلم ومعلمة يراجعونها بعد نقل "الصحة المدرسية" التي ليست لها إمكانيات تذكر، ومعنى هذا أنه تمت إضافة ملايين المراجعين الجدد الذين سينضمون إلى طوابير وزارة الصحة، هذا عدا طلاب وطالبات الجامعات والكليات وأساتذتها الذين لا أعرف من السابق أن لهم جهة علاج غير وزارة الصحة!

الطريف هنا أنني شاهدت تربوياً في أحد البرامج التلفزيونية يشيد بقرار ضم الصحة المدرسية إلى وزارة الصحة، ويبدو أنه كان يحلم فقال: الآن ستدخل وزارة الصحة إلى المدارس، وتتعامل مع الوضع الصحي المتردي بين الأبناء والبنات، حيث السمنة متفشية ومرض السكر، وضعف اللياقة، وتسوس الأسنان... إلخ. ولعله نسي أو تناسى أن وزارة الصحة تعاني حالاً من العجز واضحاً عن تلبية احتياج الملايين الذين يراجعونها والمحتاجين بإلحاح إلى خدمات كافية منها الآن! فكيف نظن أنها لن تكتفي باستقبال الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات عندما يمرضون ويحتاجون؟! وإنما نتوقع أن تدخل المدارس وتجري فحصاً لكل فرد من منسوبي وزارة التعليم؟! أظن هذا "كمتطلب في الماء جذوة نار"!

في كل عام مالي تصدر ميزانية الدولة، تجد أن أكبر رقمين ملياريين يتم تخصيصهما لوزارتي "التعليم" -باستثناء الجامعات- و"الصحة"، لكن عند تأمل التفاصيل تجد أن المشروعات الجديدة ومشروعات التوسع المطلوبة بإلحاح؛ لا يخصص لها في ميزانيتي الوزارتين أكثر من ثلاثة إلى أربعة في المائة، بمعنى أن مطالبة الوزارتين بأكثر مما هو متاح لهما من إمكانات مالية غير منطقية مطلقاً، فإذا أضفت لذلك سوء حال الإدارة –غالباً– وعدم تطورها، فإن "شريم" لن يستطيع النفخ بدون "برطم"!