"وزارة الإسكان" في مرحلة إعادتها إلى الحياة منذ سنوات قريبة، تعاقب عليها ثلاثة وزراء -أحدهم بالتكليف-، والأول اجتهد، وذهب دون أن يحقق شيئاً، بسبب الألغاز التي لم يفهم الناس منها شيئاً سوى: "باختصار.. مافيش سكن!"، أمَّا الأخير الحالي، فيبدو أنه يسير على خطى الأول فيما يتعلق بالألغاز، وأهمها لغز "فكر المواطن" المحتاج للسكن، فهذا "اللغز" لا يعني عند منتظري السكن؛ إلاَّ أن يكونوا كلهم في مستوى "فكر معالي الوزير" فهماً للمشكلة وقدرة على فلسفتها من "سكن مرحلي إلى سكن دائم"، وكأن الوزارة عرضت عليهم "السكن المرحلي" ورفضوا رفضاً قاطعاً، والحقيقة التي يعرفونها ويعرفها الوزير أن الذي عرضته الوزارة "ألغاز ولوغارتميات" لا أكثر، وهذه القدرة على ابتكار "الألغاز" لا يجيدونها ولا يفهمونها، ولذلك نيابة عنهم جميعاً وبدون استثناء، أقول لمعاليه، إن هذا القطاع العريض من المواطنين المحتاجين سكناً، عاجزون، عاجزون، عن حل "الألغاز" ناهيك عن ابتكارها، فهم لا يستطيعون التفكير ولا حتى التأمل، في "القرض المعجل أو المؤجل"، ولا "المسكن المرحلي، ولا بعيد المدى، ولا الحديث المتطور أو الكلاسيكي المتخلف"، هم يفهمون شيئاً واحداً، وحيداً مفرداً لا ثاني له، "هم يبحثون عن مسكن لائق فقط، "شقة أو فيلا صغيرة بدون مسبح ولا حديقة ولا تكييف مركزي ولا درج داخلي ولا قراج ولا شيء مما يغري به المطورون ضحاياهم"، المهم سكن تصل السيارة عند بابه أو قريباً منه، وفيه ماء وكهرباء فقط. فهل فهمهم هذا سليم؟

إن كان هذا الفهم سليماً "يا أخ ماجد"، فهم متبرعون –لوجه الله– بحلٍّ سهل وميسور وواضح "لا تلغيز فيه"، ولا يحتاج "مفكرين"، بل وزراء يعملون وينتجون.

هم يرون ويقرؤون ويعرفون أن احتكار الأراضي وتشبيكها بالكيلوات هما لب المشكلة ولكن دعك من هذا، فهم يرون أن الحكومة -وفقها الله- ومن خلال وزارة العدل، استعادت مليارات الأمتار من الأراضي وما زالت تستعيدها، ممن شبكوها ووضعوا اليد عليها زوراً وبهتاناً، وهم يعلمون أن أراضي الدولة –ماشاء الله– واسعة شاسعة، داخل المدن وخارجها، وهم يعلمون أنه منذ عهد الملك عبدالله -رحمه الله- تم رصد مئتين وخمسين ملياراً لحل مشكلة الإسكان، وهم يعتقدون أن "وزارتكم المفكرة! تستطيع تخطيط هذه الأراضي البور، بواقع مئتي متر مربع للقطعة الواحدة، أظن مئتي متر مربع ليست كبيرة، بل معقولة جداً لمحتاج السكن، ومساحة المملكة شاسعة واسعة"، وإيصال خدمات "الكهرباء والمجاري والماء" إليها، ثم وضع أنموذج موحد للبناء "دورين وملحق"، وللوزارة أن تأخذ خمس المبلغ يعني "خمسين مليار ريال" للتخطيط وإيصال الخدمات، أمَّا الباقي فيحال إلى "صندوق التنمية العقاري"، ثم توزع هذه الأراضي "200م2" على كل محتاج للسكن بالدور، ويحصل على قرض "خمسمئة ألف ريال" من الصندوق وبالدور، والصندوق مع المئتي مليار التي ستعطونه إياها، وما يحصله سنوياً من تسديد المقترضين، وما تدعمه به الدولة سنوياً سيتمكن من تسريع القروض، مثلما حدث ويحدث حتى الآن، ويستطيع الصندوق كما فعل ويفعل، مراعاة الفوارق بين المدن والمحافظات، حسب الأكثر حاجة، وهكذا.

وأود أن أؤكد "لمعاليكم"، أن تخطيط هذه الأراضي وتجهيز بنيتها التحتية لن يأخذا من "وزارتكم الموقرة" جهداً في التفكير ولا وقتاً في التنفيذ، بل ولا حتى مالاً، فلدينا مستثمرون قادرون وسيقبلون بأن يقوموا بالتخطيط والتنفيذ، مقابل مساحة يحصلون عليها في كل مخطط لإقامة سوق أو مطاعم أو محلات تجارية يستثمرونها على المدى الطويل.

إنني أتصور يا "أخانا وزير الإسكان" أن هذا الحل البسيط الذي يفهمه الجميع سيحقق رضا المواطنين، وسيكون حلاً جذرياً وقاعدة للمستقبل، والأهم بالنسبة لوزارتكم أنها ستخفض مصروفات استئجار فروعها في المناطق التي لا داعي لها، وسترتاح تماماً من ابتكار "الألغاز" التي لا يفهمها منتظرو خدماتها! وستشعر الناس أنها تعيش فوق الأرض التي يعيشون فيها، وليس في كوكب آخر!