تقول كلمات الأغنية "وينك.. سألنا عليك.. وينك.. وحشتنا عينك.. وينك.. فـغيابك عسى ما شر"!
تذكرت هذه الأغنية -إن جاز تسميتها أغنية- وبدأت أترنم بها، حينما تذكرت أحد المسؤولين الذين كانوا يملؤون الدنيا ضجيجا بتصريحاتهم الرنانة ووعودهم المعسولة!
بالفعل، كانت أحاديثه وصوره تملأ الصحف. انتابني القلق عليه. سألت عنه. "عسى ما شر"! قيل إنه بصحة جيدة، وما يزال على رأس العمل.
حمدت الله، واستعنت بمحركات البحث، لمعرفة آخر نشاطاته الإعلامية، وجدت أن آخر ظهور فاعل كان منذ سنتين تقريبا!
الرجل قرر، فيما يظهر، الدخول في مرحلة البيات طواعية، ونحن البدو نقول في أمثالنا "الذيب ما يهرول عبث".
في مقاييس واختبارات الذكاء تستطيع أن تمنحه درجة عالية، ولا يمكن له أن يخطو خطوة واحدة دون حساب المآلات.
وسّعت دائرة البحث، حتى أكون موضوعيا. اكتشفت -بالأسماء- أن هناك أكثر من مسؤول حكومي دخل مرحلة بيات غريبة. إطلاقا لا يمكن للمسألة أن تكون إلزامية؛ هي اختيارية!
توصلت إلى ثلاثة احتمالات، لا رابع لها، تفسر هذه الظاهرة.
الاحتمال الأول: أن مثل الرجل بات يشعر بالملل، وقد أعطى، وقال كل ما لديه، ويود ترك الكرسي لكنه يشعر بالحرج، بالتالي لم يعد ثمة مبرر لتكرار الحديث واجترار الوعود!
الاحتمال الثاني: عكس الاحتمال الأول، فالرجل لديه طموح أكبر، أو يطمح إلى موقع آخر، أو موازنة أكبر، واكتشف أن "الثقل صنعة" كما يُقال، وبالتالي لا بد من التزام الصمت فترة طويلة، زلة لسان ربما تحرق عليه كل ما قام ببنائه خلال الفترة الماضية!
الاحتمال الثالث: أن الرجل لا يهتم لأحد، ولا يأبه لأحد، وبالتالي يصمت متى شاء، ويتحدث متى شاء، وبات يتوهم أن المؤسسة أو الوزارة التي يديرها أصبحت -بالتقادم- جزءا منه!
خلاصة ما سبق: من يتولى شأنا عاما ليس من حقه الصمت، بل يخرج إلى الناس ويتحدث، ويخبر الناس عن مشاريع وزارته السابقة والحالية والمستقبلية. عن المليارات التي دخلت ذمته، ماذا فعل بها. من أراد الصمت أو بات يشعر بالملل، فليتكرم ويغادر إلى مزرعته الخاصة!