منذ انتخابه للمرة الأولى رئيسا لوزارء إسرائيل عام 1996، يتفاخر بنيامين نتانياهو بقدرته على تحدي الرؤساء الأميركيين دون أن يدفع ثمن تحديه.
وعلى مدى عقدين من الزمان، كان نتانياهو يتلاعب بنا نحن الأميركيين، وهو ما أضر بكرامتنا الوطنية وقضية السلام.
وقد ركزت حياته السياسية بأسرها على أن يظهر للإسرائيليين أن بمقدوره "تحريك أميركا بسهولة"، وفي مناسبات كثيرة، فعل ذلك حقيقة.
وبدأ نتانياهو العمل، بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993، فكوّن مجموعة صغيرة من أعضاء حزب الليكود لشن حملة ضغط ضد "أوسلو"، وكانت المجموعة تُرسل رسائل عبر الفاكس إلى مكاتب الكونجرس محذرة من المخاطر التي يمثلها السلام مع الفلسطينيين بالنسبة للإسرائيليين.
وقد كان حدثا غير مسبوق أن يتصرف حزب إسرائيلي مُعارض حكومته؛ ليشكل ضغوطا على الكونجرس كي يعترض على سياسات الإدارة الأميركية. وأفضت تلك الجهود إلى إيجاد حلفاء بين الجمهوريين في الكونجرس، ممن كانوا سعداء بوضع عراقيل في طريق الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وعندما سيطر الحزب الجمهوري على الكونجرس عام 1994، وفاز نتانياهو عام 1996، أصبح في وضع قوي يمكنه من تحقيق هدفه بإنهاء اتفاقات أوسلو.
وعندما أجبر الرئيس كلينتون الإسرائيليين على التفاوض مع الفلسطينيين، لم يطبق نتانياهو الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشكل كامل.
وعندما اعترض كلينتون بقوة على خطط نتانياهو ببناء مستعمرة جديدة بين القدس وبيت لحم، تجاهله نتانياهو تماما، وأنشأ مستوطنة يعيش فيها الآن 20 ألف مستوطن إسرائيلي.
وبالمثل أحبط نتانياهو طموحات الرئيس باراك أوباما بالتفاوض على اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعد عامين من الإحباط المستمر، علّق أوباما عملية السلام.
وباءت محاولات وزير الخارجية جون كيري بالفشل، في استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي طغى عليها الصراع السوري القاتل والكارثي، وجهوده في التفاوض على اتفاق نووي مع إيران، ذلك الاتفاق الذي يعتزم نتانياهو إحباطه.
وعندما يأتي نتانياهو إلى واشنطن الأسبوع المقبل، فإن لديه مهمة أن يوضح للإسرائيليين أنه ما زال قادرا على "تحريك" أميركا.
ولسوء الحظ سيمكنه من ذلك الديموقراطيون والجمهوريون على السواء. وسيلتقي نتانياهو أوباما، وفي هذه المرة لن تكون هناك ضغوط حقيقية لوقف بناء المستوطنات وصنع السلام، وإنما تشير التقارير إلى أن إسرائيل تتجه للحصول على زيادة كبيرة في المساعدات الأميركية، ربما تصل إلى 4,5 مليارات دولار سنويا.
وكل هذه الممارسات مخزية ومثيرة للقلق، وتمكين نتانياهو من ممارسة سلوكياته المشينة لا يخدم سوى تشجيعه على ذلك، وهو أمر مُحرج وأحمق، ولا يمكننا سوى الإقرار بأن عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية ماتت، ولكن ليس من المنطقي مكافأة الرجل الذي وعد قبل عقدين بالقضاء على السلام، ولم يألُ جهدا في تنفيذ وعده.