مجلس الشورى ليست له سلطة "الرقابة والمحاسبة" مطلقا، والمسؤولون في الحكومة يعرفون ذلك، ويدركون أن المجلس الموقر لا يقدم ولا يؤخر فيما يفعلون، سواء نجحوا أو فشلوا، ولذلك ونحن على مشارف انتهاء العام المالي الحالي، تجد مجلس الشورى مشغولا "حتى شوشته" بمناقشة تقارير الوزارات والقطاعات الحكومية للعام المالي الذي انتهى منذ 10 أشهر وهو عام 2014، بمعنى أنها صفحة طويت وانتهت بالنسبة للحكومة ومسؤوليها المشغولين الآن بتقفيل حسابات العام الحالي 2015، والاستعداد للعام القادم الذي سيبدأ بعد شهرين، 2016، وسينتظر المجلس الموقر "على أحرّ من الجمر" حتى الربع الأخير من 2016 القادم، ليبدأ في شحذ همم أعضائه وعضواته الموقرين لمناقشة تقارير 2015، وربما بعض ما بقي من تقارير 2014 التي أصبحت في عداد "منتهي الصلاحية"، يعني فاتت وقضى الأمر "وعيدكم يعود"!

الطريف أن صحيفة الوطن استطلعت آراء 15 عضوا من أعضاء الشورى حول فائدة هذه التقارير السنوية الماضية، ونشرت الاستطلاع يوم الثلاثاء الماضي، فقال اثنان منهم: إنهما غير راضيين عنها، و10 كان رضاهم نسبيا، و3 –ما شاء الله عليهم– راضون تماما، لكن الـ15 كلهم لم يقل أي منهم، ما فائدة هذه التقارير للمجلس، وهي ميتة منتهية؟، ولماذا ترسل لهم أصلا؟، ولماذا يضيعون وقتهم في مناقشتها؟، وهل يستطيعون بموجبها محاسبة أي مسؤول بأثر رجعي –مثلاً لا سمح الله-؟ ولعل الصحيفة لم تسألهم هذه الأسئلة، ولعلهم لا يريدون نكأ الجراح!

أعرف تماما أن "المجلس الموقر" لا يملك صلاحية المراقبة والمحاسبة، لكني في الوقت ذاته لا أعرف مبررا واحدا يدفعه لمناقشة تقارير منتهية، ولا فائدة منها لأن "طردان الفائت...!" لذا ودون "مراقبة ولا محاسبة" ولا يحزنون، فإنني أعتقد أن كل وزارة وكل قطاع حكومي له خطة تنفيذية سنوية، يضعها قبل بداية العام المالي الجديد، ثم ينفذها طوال العام بعد صدور الميزانية، فلماذا لا يقوم "مجلس الشورى الموقر" بطلب هذه الخطط للاطلاع عليها، ومناقشتها مع المسؤول المختص قبل التنفيذ، وفي نهاية العام يطلب تقريرا عن تلك الخطة التي اطلع عليها سلفا، ليطلع عليه ويناقشه مع المسؤول الذي لن يستطيع محاسبته، لكن ليعلم المجلس –مجرد علم– ما نفذ وما لم ينفذ وأسباب عدم التنفيذ، ولكي –على الأقل– يتوفر لجهد الأعضاء والعضوات المحترمين وجاهة منطقية، ويكونون على علم بما يدور قبل، وبعد.

أعتقد -وأرجو أن يكون اعتقادي صحيحا- أن مجلس الشورى يستطيع أن يفعل هذا ويطالب به، فأعمال الحكومة لا تسير دون خطط، ولا تقارير فيما أتصور، والميزانية السنوية توضع وفق خطة يقدمها كل قطاع باحتياجاته، وهذا بكل تأكيد يجري سنويا، بينما توقيت مجلس الشورى بوضعه الحالي في مناقشة التقارير "الميتة"، توقيت متأخر سنة كاملة على الأقل بالتوقيت المحلي، وليس العالمي!