يجتمع أهالي محافظة العلا اليوم بالبلدة التراثية "الديرة" وتحديدا أمام "الطنطورة" لمعرفة فصول السنة، ووقت دخول المربعانية - أقسى فصول الشتاء - معتمدين على الشمس في توقيتاتهم، محافظين بذلك على موروث شعبي كان يتبع قديما لتحديد فصول السنة منذ أكثر من 80 عاما.

ويعد أعيان وأهالي المحافظة الاجتماع أمام الطنطورة قبيل صلاة الظهر في مثل هذا الوقت من كل عام حدثا مهما يصطحبون فيه أبناؤهم من أجل إكسابهم هذا الموروث الذي يحرصون على إحيائه كل عام بحضور كبار السن، والشخصيات الرسمية في المحافظة. مسلة "الطنطورة" أو "الالطنطورة" كما يحلو لسكان العلا تسميته عبارة عن بناء هرمي ينتهي بحجرة واحد، يطل على ساحة الدرب في البلدة التراثية القديمة الواقعة في منتصف المحافظة.

وتدخل المربعانية بحسب الموروث الشعبي عندما يلامس ظل الطنطورة العلامة المقابلة لها في ساحة الدرب، وهي عبارة عن حجر مغروز في الأرض، وهذه الملامسة لا تحدث إلا مرة واحدة في العام تكون غالبا في الأول من الجدي.

وتعتبر طنطورة العلا المسلة الشمسية الوحيدة الباقية في المملكة، وتؤدي دورها في إثبات دخول مربعانية الشتاء حتى اليوم، حيث كانت الطناطير وسيلة التوقيت الوحيدة لمعرفة مواقيت فصول السنة، ومواعيد الزراعة. وأشار عدد من الباحثين إلى أن "الطنطورة" تعود إلى العصور الرومانية، وهي أحد المعالم الأثرية في محافظة العلا، والتي تحاكي الفن الهندسي في بناء "الأهرامات" الفرعونية، وهي ساعة شمسية دقيقة تسير مع الشمس، يتم من خلالها تحديد فصول السنة، وكان الأهالي قديما يتقاسمون المياه فيما بينهم لسقيا مزارعهم، ويستدلون بها على مواعيد دخول فصول السنة، والنجوم للزراعة والحصاد. ويتحدى كبار السن في محافظة العلا بالطنطورة الفلكيين، وأجهزة الرصد في تحديد دخول المربعانية، لأن توقيتها الشمسي لم يفشل في تحديدها منذ 80 عاما.