منذ إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لا أذكر أني قرأت أو سمعت أو حتى خُيل لي في منامي وكوابيسي التعيسة؛ أنها قد قبضت على فاسد واحد على الأقل وزجت به في السجن ليكون عبرة لكل فويسد تحت التأسيس! وهذا يجعلني أقول إنه ربما يكون لذلك أسباب، والسبب الأول الذي توارد إلى ذهني أننا مجتمع ملائكي يخلو من الفسدة والفاسدين، لكن ومع أول مطب خبط رأسي في سقف السيارة فكان أكبر دليل على أن حتى الأسفلت قد (فسد). أما السبب الثاني الذي اعتقدت أنه يمنع الهيئة من (كفش) الفاسدين من وجهة نظري؛ أن (نزاهة) ربما لا تملك الوقت الكافي لذلك، فهي ما زالت تثبت لوحاتها في الشوارع حاملة عبارة (الفساد يؤخر التنمية)، ودعما للهيئة واستنادا إلى دوري كمواطن (مالح) أقترح على هيئة مكافحة الفساد التالي:

أن يتم إنشاء جمعية أو لجنة لمكافحة الفساد تندرج إما تحت لواء الغرف التجارية أو إمارات المناطق، وتتكون من أناس أكفاء صالحين يتم اختيارهم بعناية ويؤدون القسم أمام أمير المنطقة أو ولي الأمر بأن يحافظوا على النزاهة ويكافحوا الفساد، وأن يكون عملهم تطوعا خالصا لوجه الله. ولهذا الاقتراح فائدتان: الفائدة الأولى أنها ستكون للهيئة عين في كل مدينة ومنطقة وضاحية وقرية. أما الفائدة الثانية فستخف الانتقادات على الهيئة الأم، فحين تتوزع الآلام قد يسهل العلاج المنفرد لجزء من أجزاء الجسد.

أقولها وبصدق: والله إن في كل دائرة رجلا صالحا يخشى الله، لكنه كذلك يخشى قطع رزقه، فلو وسعنا زوايا تلقي البلاغات وحافظنا على مصالح المبلّغ وحميناه من بطش الفاسدين لجففنا منابع الفساد والإفساد، لذلك فكروا فيها وتوكلوا على الله.