"فَطِن" هو برنامج وطني فكري مهم يستهدف المجتمع التعليمي، ويمتد أثره إلى الأسرة.
ويطمح هذا البرنامج لتحقيق الريادة في البرامج الوقائية الفكرية والسلوكية، لتعزيز المهارات الشخصية والاجتماعية الإيجابية، مُسهما في بناء المواطن الصالح الفطن.
وسيسهم البرنامج في التحصين النفسي والفكري ضد السلوكات الخطرة، والأفكار المنحرفة، ويعزز في الوقت نفسه القيم الدينية الأخلاقية التي دعا إليه الدين الحنيف، ورغَّب فيها.
وبالعودة إلى معاجم لغتنا العربية، نجد أن الفِطْنَةُ هي الحِذْقُ والمهارةُ، والحِكْمة والتبصُّر وبُعد النظر. وفَطِن (اسم) والجمع: فُطْن وفُطُن، والمؤنث: فَطِنَة وهي صفة مشبَّهة تدلُّ على الثبوت من فطُنَ، أي: صاحب فطنة : ماهر حاذق.
وقال العسكري: "الفِطْنَة: العلم بالشَّيء من وجه غامض"، وقال الرَّاغب: "الفِطْنَة: سرعة إدراك ما يُقْصد إشكاله"، ويُعرِّف الكفوي الفِطْنَة بقوله: "التَّنَبُّه للشَّيء الذي يُقْصد معرفته".
ولا يخفى على المحبين أهمية تحصين أبنائنا الطلاب ضد كل فكر ماكر غادر يريد خراب الأوطان، وإرهاب الآمنين من أولئك الناكبين عن الصراط مِن مَن باعوا أنفسهم لمن يريد الإضرار بهم وبأوطانهم!
والمعلم المخلص المحب لوطنه المدرك لعظيم مسؤوليته نحو أبناء الوطن يعرف تمام المعرفة سمو هدفه، ونبيل عمله لا سيما وهو المباشر في التعامل مع الطلاب، فهو يعرف أن ما يزرعه اليوم فسنجني جميعا ثماره غدا.
والطلاب في مدارسنا صغارا كانوا أو كبارا ينظرون للمعلم المخلص نظرة خاصة، لأن كلماته الطيبة، وتوجيهاته السليمة لا تزال تتغلغل في أعماق نفوسهم، ويتردد صداها في جنبات عقولهم في كل موقف حياتي يعيشونه ومعه يتذكرون تلك الكلمات التي سمعوها فكشفت لهم أسرار الحياة، ورسمت لهم ملامح معيشتهم.. كل ذلك كان من معلمهم المحبوب.
والمعلم الموفق المتميز هو الذي يسعى من أجل هذا الهدف السامي، ويجهد من أجل إنجاح مثل هذه البرامج دونما كلل، أو تعلل بالظروف، لأن الهدف متى ما كان كبيرا هانت في الطريق إليه كل الصعوبات!
ولنتأمل جميعا مدى تأثير كلمات المعلمين في المتعلمين، فهذا الإمام البرزالي يقول للعالِم الحافظ الذهبي: "إن خطَّك هذا يشبه خط المحدثين"..
يقول الذهبي: "فحبَّبَ الله لي عِلم الحديث".
وهذا إسحاق بن راهويه يقول في أحد مجالس الحديث: "مَن ينشط منكم لجمع الصحيح؟".. يقول الإمام البخاري: "فوقع ذلك في قلبي".. انظر: خمس كلمات قدَّمت للأمة أنفع مشروعاتها!
فكلمات المعلمين الصادقة الصادرة من قلوبهم المملوءة بحب هذا الوطن الغالي سيكون لها أثرها بلا شك في بناء شخصيات سوية تخدم دينها، وتخلص لوطنها، ولن تُنسى تلك الكلمات المشرقة من ذلك المعلم المحبوب.
والمعلم اليوم مطالب بأن لا يتوقف عند نقل المعلومة والمعرفة لطلابه، بل عليه أن يوظف المواقف التعليمية والتربوية في تعزيز القيم النبيلة، ورفض الأفكار القبيحة.
نحن الآن في ميادين الحياة المختلفة لا زلنا نذكر معلمين لنا بالخير، لا زلنا نذكر كلماتهم الناصعة، وتوجيهاتهم الناصحة، بل إن المعلم الذي كان يحرص على ذلك هو المعلم الفذ الذي استطاع أن يبقى ثمينا في ذاكرة طلابه تزداد قيمته كلما مر الزمان!
وطلابنا اليوم هم رجال الغد، وبناة المستقبل الزاهي.. وهم المطالبون بالمبادرة والتجاوب مع هذا البرنامج الرائد، وهم طلاب قد امتلأت قلوبهم حبّاً لهذا الوطن.. يدركون تمام الإدراك عظيم مسؤوليتهم، وذلك بالمشاركة الفاعلة في التعبير عن أدوارهم بما حباهم الله من مواهب وقدرات كبيرة، مستثمرين كل وسيلة من شأنها إيصال أصواتهم للعالم أجمع، ولسان كل واحد فيهم يقول: أنا فطن أحب الوطن.