بعيدا جدا عن موضوع منع المرأة من قيادة السيارة، هناك حقيقة لا أعرف أحدا تحدث عنها، وهي أن انتشار السائقين لدى بعض الأسر في بلادنا -لا يرتبط بالمنع- قدر ارتباطه بالاتكالية أحيانا، والرفاهية حينا آخر!
في غير دولة خليجية، ممن يسمح للمرأة فيها بقيادة السيارة -والطائرة أيضا- لا توجد عائلة ليس لديها سائق، أو على الأقل تعتمد عليه في بعض أعمالها. أحيانا يدخل ضمن الاستعراض و"حنا هاي كلاس، وأحسن منكم"!
أيضا ليس هذا موضوعنا. سأتحدث اليوم عن ظاهرة مُشاهدة في مجتمعنا المحلي، وهي أن السائق الأجنبي أصبح "الكل بالكل".
تأكدت من ذلك حينما شاهدت سائقا من جنسية غير عربية يمسك بيد طفل وطفلة في عمر الزهور، ويتجول بهما داخل أحد محلات الألعاب. هذا المكان ليس ضرورة لارتياده كالمستشفى مثلا، هذا محل "ترفيه وكماليات"، ما الذي يدفع الأب أو الأم، للسماح لرجل أجنبي بالقيام بمهمة ليست من مهامه؟!
السائق الأجنبي مساعد لرب الأسرة، له مهام محددة لا يجوز تجاوزها. هذا هو الواقع فعلا: في أي مجال، المساعد له عمل محدد لا يتجاوزه، فإن تجاوزه أصبح يؤدي عملا آخر! حينما يقوم السائق بكامل أدوار رب الأسرة، فنحن أمام مشكلة.
المسألة ليست أن السائق يعرف ما لا يعرف الأب، المسألة أن الأب يملك ما لا يملك السائق.
أتحدث عن الجوانب النفسية بالذات. مرافقة الزوج زوجته أو أطفاله بين حين وآخر له آثار إيجابية كبيرة.
أطرح بعض هذه القضايا الاجتماعية في مواقع التواصل قبل طرحها هنا. أثرت هذه القضية. التفاعل مضحك ومؤلم. تقول إحدى النساء: "أشاهد السائق أكثر مما أشاهد زوجي"! تقول أخرى: "حتى نزهاتنا البرية أسندها زوجي للسائق"! تقول ثالثة: "أتسوق براحتي حينما أذهب مع السائق، لكنني أكون سعيدة حينما أكون برفقة زوجي"!
الخلاصة: مع انعدام وسائل النقل النظيفة، وازدحام المدن، وتباعد المدارس والجامعات، أصبح وجود السائق لدى بعض الأسر ضرورة، لكن لا ينبغي لهذا السائق أن يتجاوز الأعمال التي جاء من أجلها، فيصبح هو رب الأسرة!