تحمل ثقافة المجتمعات القبلية موروثا حول حمل الأسلحة البيضاء بدءا من السيف وانتهاء بالسكين كرمز للرجولة والكرم يعرف الرجل متى يسلها ومتى يغمدها، إلا أن تلك الثقافة كانت محكومة بقوانين تجرم رفع السلاح الأبيض في وجه الآخرين.

وعلى الرغم من اندثار تلك القوانين إلا أن ثقافة حمل السكين لم تندثر وبقيت ثقافة متوارثة من جيل إلى جيل، لكنها مع اندثار القوانين وانتقال الثقافة إلى جيل الشباب تحولت إلى ظاهرة سلبية وأداة جريمة أسهمت في زيادة حوادث القتل والطعن بعد أن تساهل الشباب في سلها من غمدها لأتفه الأسباب لتحول أبسط المشكلات إلى جرائم كبيرة تزهق الأرواح.

 


قضايا مؤرقة


سجلت الطائف المركز الثالث في قضايا الطعن بالأسلحة البيضاء في إحصائية وزارة الداخلية التي أعلنتها الشهر الماضي، والتي أشارت إلى أن عدد قضايا الطعن 3427 جريمة، بمعدل 11.4 جريمة لكل مئة ألف من سكان المملكة، وسجلت أعلى مستوياتها في مدينة الرياض ومحافظة جدة على حدٍ سواء، بنسبة 15 % في كل منهما، تليهما محافظة الطائف بنسبة 12 %، وأكد متحدثون لـ"الوطن" أن هذه الظاهرة تستوجب تضافر عدة جهات للقضاء عليها بعد أن أصبحت تؤرق المجتمع.

 





تجريم رادع



"لا توجد عقوبة محددة لرفع السكين، حيث إنها تخضع لتقدير القاضي الذي ينظر في القضية بالرجوع إلى ملفها وسماع الطرفين في مجلس القضاء إضافة إلى الشهود، وبذلك تخضع لظروف جلسة القاضي وما يراه كرادع تعزيزي، إضافة إلى أن الحكم يختلف باختلاف تكرار استخدام السكين في الطعن مثلا، وهي مثبتة في كتب الفقه في حالة الضرب بالسكين واستيفاء الطعن بها في جسم الآخر فلها 10 حالات متنوعة، وكل حالة منها لها عقوبة محددة".

القاضي بمحاكم مكة المكرمة

الشيخ عبدالرحمن المالكي

 


تعزيز الظاهرة



"ظاهرة حمل السلاح تعود إلى عدة أسباب، منها أن الثقافة المجتمعية السائدة لدى بعض فئات المجتمع والتي ترى في حمل السلاح الأبيض وحتى السلاح الناري علامة من علامات الرجولة والشجاعة فهي تشجع أبناءها على حمله دائما، بل وربما تشتري لهم هذه الأسلحة وتغذي أفكارهم وعقولهم بضرورة حملها واستخدامها عند الحاجة دون إدراك منها لخطورة وعواقب مثل هذه التصرفات".


متخصص في الشأن التربوي والنفسي

الدكتور سالم الشهري


 


رفع السلاح


"حمل السلاح وخاصة السكين كان في القدم لاستخدامات شخصية بحتة ولا يحق لأي شخص استخدامها في الاعتداء على الآخرين ما لم يدافع عن عرضه أو ماله، واليوم نحن نوعي الناس في المحافل والمناسبات بالتقليل من حمل السلاح ومنعه، باعتباره أمرا مرفوضا وخاصة بين الشباب وصغار السن، لأنه ربما كانت هناك استفزازات بينهم ومشادات قد تتحول إلى جريمة، والأعراف القبلية سابقا وإلى الآن عند الاحتكام إليها تجرم رفع السلاح والإصابة به دون القتل".

شيخ قبيلة آل عاصم من بني مالك

رشيد المالكي

 


ثقافة شعبية


"ثقافة حمل السلاح بمختلف أنواعه كانت موروثا شعبيا بين القبائل منذ الأزل بما فيها السلاح الأبيض ومنها السيف والشلفا والعطيف والجنبية والسكين وحتى العصا أو ما يسمى بالمشعاب، وكانت جزءا من حياة الناس وهي موجودة في كل مكان ومنهم من تخلى عنها ومنهم من أبقاها، ولا يوجد قانون في العالم يجرم حمل السكين ما لم تستخدم في جناية أو جريمة لأنها موجودة في كل مكان وأيضا جزء من حياة الناس".

المستشار الأمني

اللواء مساعد العتيبي

 


العرف عقل


"السكين سَكِينَة الرجل القبلي، وهي منه بمنزلة (النبوت) من متمدن والسيف من فارس، والسهم من رامٍ، والبندقية من صيّاد، والقيثار من عازف والريشة من رسام، وهو يُعرف بها من عُرْف، متى تُغمد ومتى تُسل وموضع طعنها وذبحها وربحها، وعقوبة ما جنت وما جلبت، ومتى تكون زينةً ومتى تكون رزينةً، والعرف عقل للمجتمع ثان، كل فرد فيه بِقدر من خطا دروب أعرافه، لذويه مورد هو وارده ومأوى يأوي إليه وللجوار حرمة إيذاء وجور".

المهتم بالشأن الاجتماعي

الدكتور عايض الثبيتي