لا أعرف ما هي الاعتبارات التي يدير بها رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب أزمة المباراة الآسيوية المفترضة بين منتخب بلاده والسعودية، ولو كان الأمر بين يدي أي مواطن فلسطيني لاتخذ القرار الذي يصب في المصلحة العامة، لكن الفلسطيني الوحيد الذي يُعقد المسألة هو الرجوب لأسباب لا يعرفها إلا هو وحده.... ولو أن القرار كان بالتصويت في مجلس إدارته لربما تغيرت بوصلة المباراة ليس إلى الجزائر بل إلى الرياض.

العلاقات السعودية الفلسطينية المتينة لم تكن وليدة اليوم أو الأمس، بل علاقات تضرب في أعماق التاريخ ولن يخدشها عناد الرجوب أو تصرفاته الغريبة وضربه عرض الحائط بالظرف السعودي الخاص الذي يدركه الفلسطينيون أكثر من الرجوب، أو بالأصح الذي يدركه الأخ جبريل لكنه يتجاهله إما عمدا أو لغاية في نفس يعقوب.

لا أدري ما مصلحة الرجوب في أن يكون هناك تطبيع سعودي – إسرائيلي أو احتكاك بأي شكل من الأشكال، ولا أدري ما الذي سيعود عليه من أن يكون فاتحا لنقطة التقاء سعودية إسرائيلية رسمية للمرة الأولى في التاريخ، وما الفائدة التي ستعود عليه من ذلك!

ربما يتحدث البعض عن الفوائد التي ستعود على الاتحاد الفلسطيني أو المنتخب من اللعب على أرضه وبين جماهيره، وربما يتحدث آخرون عن الخسائر السعودية، لكنّ كثيرين أيضا يتحدثون عن المكاسب الإسرائيلية الجمة من مرور أفراد البعثة السعودية عبر منافذهم ومعابرهم في تحرك يدركه جبريل "السياسي" ويغمض عنه جبريل "الرياضي" عينيه، وكأنه لا يعرف شيئا عن السياسة ودهاليزها.

يحمل الرجوب بيضة الرياضة في يده اليمنى وبيضة السياسة في يده اليسرى ويلعب بهما ليل نهار، بحثا عن مكاسب لا نعلمها، لكن ما نعرفه أن إحدى "البيضتين" أو ربما كلاهما ستقعان من يده وحينها سيكون في مقدمة الخاسرين، خصوصا أنه كما يقول الإخوة المصريون يحاول اللعب بـ"البيضة والحجر"، لكن الأمور ستفلت من بين يديه حتما وسيندم حين لا ينفع الندم.

الشارع السياسي العربي يعرف جبريل الرجوب مستشار الرئيس الفلسطيني السابق للأمن القومي، وما يحمله من فكر يدركه أصحاب الحركة والعالمون ببواطنها، لكن الشارع الرياضي العربي عرف اليوم جبريل الرجوب كـ"رئيس اتحاد رياضي" في محك مهم ومنعطف "قومي"... فيا ليت "قومي" يعرفون.

الرجوب اليوم بين "أمل" أن يعود إلى جادة الصوب وبين "حماسه" للعبة السياسة.... وبين هذه وتلك سننتظر ونرى.