دفع عزوف المهندسين السعوديين عن العمل الميداني والاعتماد على تصاميم المهندسين الأجانب واستنساخها، إلى تردي التصاميم الهندسية وبالتالي ضعف المهندسين السعوديين.
وانتقد عدد من المختصين والمهتمين بالقطاع الهندسي توجه المهندسين إلى التجارة والاستشارات وترك العمل الميداني للمهندسين الأجانب، وتحول عدد كبير منهم إلى نقاد وخبراء على الرغم من عدم اكتسابهم الخبرة الكافية.
حذّر عدد من المختصين والمهتمين بالقطاع الهندسي السعودي من تردي وضع القطاع وعدم قدرة الهيئة السعودية للمهندسين على مجاراة التطورات والارتقاء بالقطاع، وتردي التصاميم الهندسية لدرجات متدنية جدا، والذي طال ضعف المهندسين السعوديين، منتقدين في نفس الوقت عزوف المهندسين السعوديين عن العمل الميداني والاعتماد على تصاميم المهندسين الأجانب واستنساخها.
وأكد المعماري رئيس تحرير مجلة "البناء" المهندس إبراهيم أبا الخيل هبوط أداء المكاتب الهندسية السعودية، وتردي التصاميم التي تقدمها، واعتماد معظم المكاتب الوطنية على استنساخ تصاميم المشاريع التي تتولاها من تصاميم لمكاتب هندسية أجنبية، مشيرا إلى أن ذلك سيكون له تأثير كبير على الهوية المعمارية للمملكة.
نظام المزاولة لم يقر
وأكد العبداللطيف أن الهيئة لا تستطيع ضبط القطاع الهندسي أو ممارسات المهندسين ما لم يقر نظام مزاولة المهنة والكادر الوظيفي، إضافة إلى زيادة عدد المهندسين السعوديين، ففي ظل النقص الحاد لا يمكن فرض ضوابط على المهندسين في الوقت الحالي.
وأكد العبداللطيف أن مسؤولية مراقبة وتقييم المشاريع مهام إدارات التصنيف في وزارة الشؤون البلدية، ويقتصر دور الهيئة على تقديم المشورة الفنية في حال طلبت ذلك.ونفى العبداللطيف تفرد مجلس إدارة الهيئة بالقرار واتخاذ قرارات مصيرية تخص مصير ومستقبل المهندسين السعوديين دون أخذ آرائهم، مؤكدا أن الهيئة خصصت عددا من وسائل التواصل مع المهندسين السعوديين وهناك "إيميل" ورقم هاتف موحد خاصين باستقبال آراء وشكاوى المهندسين. وفيما يخص المبنى الذي تم شراؤه أخيرا بالرياض أكد العبداللطيف أن المبنى جاهز ولا يحتاج سوى تأثيث فقط، نافيا ما أثير حول عدم جاهزيته وحاجته إلى 15 مليون ريال للتشطيب.
غياب المهارات
واتفق أستاذ النقد المعماري بجامعة الدمام الدكتور مشاري النعيم مع ما ذهب إليه المهندس أبا الخيل، مؤكدا وجود ضعف كبير في أداء المهندس السعودي ومهاراته، مشددا على أن العاملين في الإدارات الهندسية بالقطاعات الحكومية لا يمتلكون مهارات كافية، ولا قدرة على إدارة المشاريع والارتقاء بها، مشددا على أهمية تطوير مهارات المهندسين السعوديين.وقال المهندس بإحدى الإدارات الحكومية، علي القرني، إأن الهيئة توسعت أخيرا في توظيف إداريين ليست بحاجة إليهم، وذلك يشكل ضغطا على ميزانيته الهيئة، كما أعلنت عن شراء مبنى في الرياض بمبلغ 75 مليونا، على الرغم من عدم جاهزية المبنى وحاجته لقرابة 15 مليونا، معتبرا ذلك هدرا لموارد الهيئة، كما أعلنت عن نيتها شراء مقر في جدة ومقر آخر في الدمام، مع أن الهيئة تمتلك أرضا في الدمام تم تخصيصها لها من قبل إمارة المنطقة الشرقية، ولا نعلم لماذا لا تبني مقرا عليها وتهدر ميزانيتها على شراء مقرات غير جاهزة.
ضعف صناعة البناء المحلية
وانتقد أبا الخيل توجه المهندسين السعوديين إلى التجارة والاستشارات الهندسية وترك العمل الحقيقي في الميدان للمهندسين الأجانب، وتحول عدد كبير منهم إلى نقاد وخبراء على الرغم من عدم اكتسابهم الخبرة الميدانية الكافية، معتبرا أن ذلك يؤثر على القطاع الهندسي بشكل عام. وعدّ أبا الخيل أن المؤسسات التي تخدم القطاع، وتحديدا هيئة المهندسين كونها الجهة المنوط بها تطوير العمل الهندسي، أهملت دورها برفع مستوى القطاع المعماري والقطاعات الأخرى التي تشرف عليها، ومحاولات للتطوير تسير بشكل بطيء للغاية، ولفت أيضا إلى وجود ضعف في صناعة البناء المحلية التي تشكل داعما قويا للتصميم المعماري في رفع مستوى التقنية وتقديم المشورة الفنية، رابطا ارتفاع مستوى التصميم والبناء بتقدم صناعة البناء في المملكة. وأرجع أبا الخيل ضعف أداء المهندسين إلى تخلف المناهج التي تدرسها كليات الهندسة في الجامعات السعودية، واصفا إياها بالمتخلفة عن التطور التقني الذي شهدته علوم الهندسة خلال السنوات الماضية، مقارنة مع تطوير مناهج كليات الهندسة في جامعات العالم سنويا، لتواكب التطورات بينما لا تزال كليات الهندسة في السعودية تعيش في العقود الماضية، حيث ما زالت تدرس طلابها مناهج قديمة عفا عليها الزمن ولا تتواءم مع ما وصلت إليه علوم وتقنيات الهندسة في عصرنا الراهن.
عجز عن التطوير
من جانبه، أرجع المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للمهندسين، المهندس عبدالناصر العبداللطيف جميع مشاكل القطاع الهندسي وضعف أداء المهندسين السعوديين، إلى عدم إقرار الكادر الوظيفي للمهندس ونظام مزاولة المهنة حتى الآن، مؤكدا أن الهيئة لا تستطيع تطوير القطاع ما لم يوجد نظام لممارسة المهنة وكادر وظيفي محفز.
وشدد العبداللطيف على أن النقص الحاد في عدد المهندسين السعوديين له دور في ضعف الأداء وابتعاد المهندسين عن العمل الميداني، حيث يوجد 200 ألف مهندس أجنبي يقابلهم 35 ألف مهندس سعودي فقط، وفي ظل وجود كم كبير من المشاريع الحكومية نحتاج إلى رفع الطاقة الاستيعابية في كليات الهندسة السعودية لزيادة عدد الخريجين من المهندسين، حيث يتخرج كل عام حوالى 3 آلاف مهندس فيما يحتاج القطاع على أقل تقدير إلى حدود 250 ألف مهندس سعودي.
وأبدى العبداللطيف رضاه عن مخرجات الكليات السعودية، مؤكدا أن الهيئة تعمل على تطوير القطاع ونظمت 180 دورة في 25 مدينة في المملكة لتطوير مستوى التصاميم الهندسية وتطوير مهارات المهندسين السعوديين، ليستدرك بعد ذلك بقوله: "تنظيم الهيئة لدورات تدريبية ليس دليلا على وجود ضعف في مستوى المهندسين أو نقص في التعليم، فهناك دورات تخصصية مثل دورات مختصة في السلامة أو مستجدات مواد البناء وغيرها لمواكبة تطورات القطاع الهندسي.