ترحيب كبير قابلت به النخب العالمية إعلان التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، وأشار محللون سياسيون إلى أن الخطوة تعني اتخاذ المسلمين خطوات عملية في إطار التصدي للتطرف.
وفيما قال الاتحاد الأوروبي أمس إنه "يرحب بأي تعبئة للعالم الإسلامي ضد تنظيم داعش، والمنظمات الإرهابية الأخرى"، أشادت وزيرة الدفاع الألمانية بتشكيل التحالف، وقالت إنه سيكون من المفيد أن يتم التنسيق مع الدول الأخرى.
الشيخ عبدالله المطلق
"ليعلم الشباب الذين يذهبون إلى مناطق الفتن ويظنون أن الصحابة ينتظرونهم هناك، أن ذلك غير صحيح، إذ لا ينتظرهم سوى طلائع أجهزة الاستخبارات"
لاقى الإعلان عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب يضم 35 دولة، إضافة إلى 10 دول أخرى ستتخذ الإجراءات اللازمة للانضمام إلى التحالف، صدى واسعا في أوساط النخب الأميركية، الذين شعروا بجدية قادة المملكة في مواجهة الإرهاب، لاسيما مع تصاعد المخاوف لدى الأميركيين بعد مذبحة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، وإصرار الرئيس باراك أوباما على عدم التدخل العسكري البري في العراق وسورية لدرء مخاطر الإرهاب.
وحسب معظم المراقبين فإن صعود نجم المرشح الرئاسي دونالد ترامب، وخطابه المعادي للمسلمين، كان بسبب خيبة أمل الأميركيين في السياسات الخارجية للإدارة الحالية، كما أشار استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو" للأبحاث إلى أن %67 من الشعب الأميركي لديهم عدم شعور بالأمان، ويخشون تنظيم داعش، خاصة مع اقتراب نهاية حكم الرئيس أوباما الذي ما يزال ينكر الاعتراف بخطورة مشكلة الإرهاب على الولايات المتحدة.
قرار تاريخي للمملكة
قيادة المملكة العربية السعودية للتحالف العسكري الإسلامي ضد الإرهاب، الذي شوه صورة المسلمين في العالم هو "قرار تاريخي" بكل المقاييس من دولة كبرى، ولاعب إقليمي رئيسي يتحمل مسؤولياته ويسارع الزمن، خاصة أن المعركة المرتقبة "ثقافية" في الدرجة الأولى. وما تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل أوروبا والولايات المتحدة سوى البداية لإجراءات متوقعة، سوف تفرض قيودا على العرب والمسلمين في الغرب، وإن صيغت في لغة مخففة على لسان المسؤولين، لكنها تحمل في طياتها الكثير بالنسبة للمستقبل، وآخرها ما صرحت به المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قبل أيام أمام مؤيديها وأعضاء حزبها، بأن تعدد الثقافات درب من الوهم، وأن ألمانيا وصلت حدها النهائي لاستقبال اللاجئين والمهجرين.
تنامي تيار عنصري بأوروبا
حذر السياسي الإيطالي كلاوديو ماجريس من تنامي تيار عنصري جديد في أوروبا، ومن حواجز أوروبية مستحدثة، من شأنها أن تخلف ديمقراطية منزوعة الديمقراطية، أو قل ديموقراطية شكلية بلا مضمون حقيقي.
كما ندد عدد من المثقفين في أوروبا صراحة بالحواجز غير المرئية القائمة في المدن الأوروبية الكبرى بين السكان الأصليين والمهاجرين العرب والمسلمين، فضلا عن رفضهم القاطع للأفكار النازية الجديدة، ووقوفهم بحزم في وجه النعرات الشعوبية والعنصرية، التي تستهدف المهاجرين في الوقت الحالي.
انتقاد سياسة أوباما
قبل توجه الرئيس أوباما للبنتاجون الإثنين الماضي، للمرة الثانية خلال العام الجاري، على غير المعتاد، حيث يذهب قادة وزارة الدفاع غالبا إلى الرئيس في البيت الأبيض وليس العكس، كتب المحلل السياسي، ستيفن والت، في مجلة "فورين بوليسي" مقالا بعنوان "الخفة غير المحتملة للحرب الأميركية على الإرهاب"، عدد فيه الأسباب التي تؤكد عدم جدية أوباما في مجابهة هذا الخطر المستشري، وعقب إلقاء أوباما كلمته أمام قادة البنتاجون، كتبت المحللة السياسية، جايل تزيماش ليمون، مقالا على موقع مركز العلاقات الخارجية الأميركية، انتقدت فيه خطاب أوباما البلاغي "1200 كلمة"، الذي لم يقل فيه شيئا لتهدئة مخاوف الأميركيين الذين توقعوا بعد مذبحتين سفكت فيهما دماء الأبرياء في باريس وكاليفورنيا أن يتحرك بالفعل، بعد أن ظل لفترة طويلة مترددا في التدخل العسكري في سورية، واتخاذ خطوة أكثر حسما ضد الإرهاب.
تفويت الفرصة على المحرضين
تمثلت حكمة المملكة في الإعلان عن إنشاء أول تحالف عسكري إسلامي لمكافحة الإرهاب، في تفويت الفرصة على المتربصين والمحرضين ضد المسلمين في الغرب، فضلا عن تهدئة مخاوف الكثيرين في العالم الغربي، ولعل الانتقادات التي وجهها الرئيس أوباما أول من أمس خلال مراسم منح الجنسية الأميركية لـ31 شخصا بينهم عراقيون في مبنى الأرشيف الوطني بواشنطن، إلى المرشحين الجمهوريين وغيرهم، من أصحاب الدعوة لفرض قيود على دخول لاجئين مسلمين إلى الولايات المتحدة، جاءت متوافقة مع كلمة مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفير فيصل طراد، الذي طالب المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته لمكافحة الأسباب التي أدت إلى تهجير هؤلاء البشر، وتقديم المجرمين المستبدين إلى العدالة.