كعادته خادم الحرمين الشريفين وعبر لقاءاته الأسبوعية والدورية أمام مختلف القطاعات المجتمعية المتنوعة أراد ـ أيده الله ـ خلال استقباله عددا من كبار المثقفين والكتّاب والإعلاميين عبر لقاء هيأته مشكورة وزارة الثقافة والإعلام بقيادة وزيرها الشاب معالي الدكتور عادل الطريفي، أراد أن يرسم في ذهن كل إعلامي وكل كاتب ذي رأي وفكر عبر الصفحات المقروءة والصحافة الإلكترونية ما هي الطريقة المثلى للنقد، وأن هذا هو ديدن الملك سلمان الذي أعلنه أمام الجميع.

فكانت رسالة واضحة للقلب المفتوح الذي يستمع للآراء، إذْ إنَّ الملك سلمان شخصية إعلامية بالدرجة الأولى عرفه الأدباء والنقاد والكتاب على مر المرحلة السابقة بحضوره الإعلامي واستماعه للآراء مهما تنوعت، وأحياناً يصوّبها ـ حفظه الله ـ إن وجد فيها غير الحقيقة، وكثيرون من هؤلاء الذين حضروا الملتقى الموسّع في قصر اليمامة بالرياض استمعوا خلال سنوات مضت إلى توجهات الملك وقراءته للآراء والتعليق عليها ومناقشة أصحابها.

واليوم لم يعد الحال كما كان في السابق صحيفة أو مجلة أو محطة بل أصبحت الكرة الأرضية تستقبل الحدث في لحظات إطلاق الكلمة عبر مختلف وسائل الإعلام ليصل إلى أقاصي الدنيا، فالكلمة عندما تخرج ليست مُلْكاً لمرسلِها ولهذا نصت السياسة الإعلامية للمملكة على محور مهم أمام كل إعلامي وهو يمُسك بقلمه أو يتكلم في وسيلة إعلامية، وهذا المحور هو التثبّتُ من المعلومة ومراجعة نصوصها قبل إفشاء الخبر، وهذا شاهده معروف لكل ذي بصيرة يؤكده (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبيّنوا أن تُصيبوا قوماً بجهالة)... الآية، وهو أصل من أصول نجاح الوسيلة الإعلامية، ألا وهو المصداقية والموضوعية، وهنا يعُيد الملك سلمان ـ وفقه الله ـ إلى ذهنية الإعلاميين وأصحاب الفكر أن مرجعية كل إعلامي هو دستور هذه البلاد الكتاب والسنة التي صِيْغتْ منها السياسة الإعلامية للمملكة، وجاءت وسائل الإعلام السعودي متطابقةً مع هذا المنهج الذي يرسمه في أذهان الكتاب وأهل القلم.

كان لقاء مفتوحاً استمع فيه الجميع إلى هذه الرسائل التي تعتبر نبراساً لكل إعلامي يَنْشد الحقيقة أمام الإعلام المعادي الذي سُرعان ما ينكشف عندما تتضح الحقائق، هذا اللقاء الذي تميّز بالاختيار من نخب المجتمع كان فرصة للاستماع إلى مثل هذه التوجهات النابعة من رجل خبرة، ورجل سياسة وإعلام، عرفت هذا من ملك كان وفقه الله يتابع إعلامنا السعودي بدقائقه وتفصيلاته ويوجه القائمين عليه بالمنهج الصحيح الذي يخدم المجتمع، ويرسي قواعد النجاح للوسائل الإعلامية والتي هي بلا شك منابر عطاء نَيّرة في المجتمع السعودي، ويقوم عليها رجال إعلام نهلوا من مدرسة سلمان بن عبدالعزيز، إننا اليوم بحاجة ماسة إلى هذا المنهج الذي يضعه الملك أمام كل إعلامي عندما يؤكد أنه لا يتضايق من النقد إذا كان هادفاً وفيه مصلحة للكل.

لكن إعلام الإثارة والتضليل ليس له مكان في وسائلنا الإعلامية السعودية، لقد كانت فرصة لكل من حضر هذا اللقاء الإعلامي أن يحرص على ما أكد عليه في لقائه الذي أتطلّع إلى استمراره بين القيادة والنخب المثقفة والإعلامية وكتاب الرأي وأمناء الكلمة، وخصوصاً في هذه الأوقات التي يموج فيها الفضاء بإعلام بعيد عن الانضباط والمصداقية، وتدور من حولنا أحداث تحتاج إلى يقظة الإعلامي ومصداقية الكلمة التي يطلقها على مدار الساعة واللّحظة.

لم يَعد غائباً عن كل من حضر اللقاء أن الكلمة أمانة ومسؤولية تقوم بها وسائل الإعلام، وخصوصاً بلاد الحرمين التي أجزم ومن خلال التجربة والممارسة بأن إعلامها بحمد الله ينطلق من منهج هذه البلاد المباركة ومن سياستها التي ترتكز على دستور هذه البلاد القرآن والسنة، وهذا ما ركز عليه خادم الحرمين الشريفين أكثر من مرة خلال هذا اللقاء.

تحية لك أيها الملك وأنت تضع هذا المنهج وتؤكده في كل مناسبة، ووفقك الله لكل خير وإلى الملتقى.