بعض الظواهر المجتمعية غريبة لدرجة أنها تستحق وبجدارة أن تكون "كوميديا سوداء" نشاهدها فنضحك ألما على حالنا المتناقض. فحين يكون دخل "الطقاقة" في الأفراح أعلى من دخل علماء الطاقة في مراكز البحث فلا تستغربوا. وحين يكون عقد لاعب لم يكمل تعليمه ملايين متراصة وراتب الدكتور الجامعي بضعة آلاف فلا تستغربوا. وحين تكون قيادة المرأة محذورا مجتمعيا بحجة الخوف عليها ثم يطلق عليها "ملكة" ويتحكم فيها سائق أجنبي يلتهم جزءا من راتبها فلا تستغربوا. وحين يصبح "مفحط سابق" داعية يشار إليه بالبنان وهو لا يملك الحد الأدنى من مَلكة الخطابة والتأثير فلا تستغربوا. وحين يبرر للجريمة بحجة الإسراف في التأديب فلا تستغربوا. وحين تموت متسولة كنا نشفق عليها ونغدق عليها الصدقات ثم نكتشف أنها مليونيرة فاكتموا ضحكاتكم ولا تستغربوا.
حين يفتتح أحد المسؤولين الحدائق وشوارع مدينته تعج بالحُفر والفئران وجيوش الزواحف والقوارض فصفقوا له ولا تستغربوا. وحين تكون مدارسنا أو بعضها في مبان متهالكة مستأجرة ثم تعرفوا أن ثاني أكبر مخصص من ميزانية الدولة لهذا القطاع فلا تستغربوا. وحين تخصص الدولة مليارات الريالات لخدمات البنية التحتية ثم تأتي الشركات الكبرى لتبيع المشاريع بالباطن لشركات أصغر ونحصل على أسوأ المخرجات فلا تستغربوا.
حين تكون للصحة ميزانية دول ثم تنهال رسائل استجداء التبرع لمرضى الفشل الكلوي فلا تستغربوا. حين تخصص الدولة الميزانيات لتحويل وتسهيل أعمال المواطنين إلى الخدمات الإلكترونية ثم يطالبك موظف صغير بكتابة معروض لا تستغربوا.
وحين نكتب ونقول كل ما سبق ولا يحرك ساكن؛ أيضا لا تستغربوا!