م. محمد صالح آل شمح


"وجّهت وزارة التعليم إدارات التعليم في المناطق والمحافظات، إلى استخدام مسمى قائد وقائدة المدرسة، بدلا من مدير ومديرة المدرسة؛ بناء على تعديله في تنظيم لجنة القيادات المدرسية في الإصدار الثالث للدليل التنظيمي والإجرائي".

كم تمنيت بعد قراءة هذا الخبر أن الوزارة تأنت قليلا قبل الإعلان عن هذه الخطوة الجبارة في مجال تغيير الأفكار والرؤى المميزة لتطوير التعليم، كما تمنيت أن تكون هذه الخطوة آخر الترتيبات، من أجل ألا تصبح مجرد تغيير اسم دون تغيير في الروح القيادية.

كثير من الإدارات المدرسية لا تعدّ جاذبة للعقول وإنما منفرة للأفكار، فكيف يصبح المدير قائدا ولديه اعتقاد نمطي فكري أن كرسي الإدارة ملك لا يتجزأ من أملاكه الشخصية! يعمل به ما يشاء ولمن يشاء وكيفما يشاء، ولا أحد يقيم الحال إلا المكتب المخصص في منطقة التعليم أو الإدارة العامة للتعليم في المنطقة التي لا تألو جهدا في تصوير كل شاردة وواردة من أجل أن تقول "أنا صنعت ووضعت وطبقت".

كيف يتحول المدير إلى قائد وبعض مقومات القيادة أو أبسطها وهو الحلم والأناة لا يتوافر إلا في القلة القليلة "والمعلمون يعرفون الخفايا"، إذ تجد أريحية العمل جاذبة للمعلم ومفيدة للطالب وميسرة للإدارة المدرسية ومحفزة لبقية المدارس والعكس كذلك، ولا ننسى أن من مهام القائد أن يبتكر ولا يقلد، وأن يبدع ولا يطبق فقط، وأن يطور الأنظمة والأمور -على عكس المدير لأنه يحافظ على الأمور كما هي- وأن يلهم الآخرين بالثقة، بعكس المدير الذي يعتمد على التحكم والسلطة، وغيرها من الاختلافات التي لم تطبق على اختيار مديري المدارس، فضلا عن تدريبهم المتواصل لمفهوم القيادة.

أتذكر جيدا ما حدث عندما غادر مدير إحدى المدارس لأسبوعين متواصلين، وحل نيابة عنه شخص يحمل مفهوم القيادة. كان العمل في تلك الفترة أشبه بورشة متنقلة، وحب المعلمين للمدرسة جعلهم لا يغادرون سريعا، كما أن إنجاز المهام أضحت وسيلة سهلة مقارنة بالسابقة، والسبب في التغيير كلمة أرادها نائب المدير وقالها بوضوح وبصوت هادئ واثق: "أنا منكم ومعكم ولكم".

عندها تذكرت مقولة جون سي ماكسويل "مقياس القائد ليس هو عدد من يخدمونه وإنما عدد من يخدمهم".