مطار أبها يبدو مكتظا كعادته، وصالته الضيقة تنوء بأعداد المسافرين القادمين من أبها والخميس وبقية المحافظات، إضافة إلى مسافري نجران، بعد أن أغلق مطارها حرصا على سلامة الركاب من القذائف الحوثية العمياء. ركاب الرحلة 1847 المتجهة إلى جدة قدموا مبكرا عن موعد إقلاع رحلتهم ليلة الجمعة بعد منتصف الليل بقليل، وعندما وصلوا إلى المطار تلقوا رسالة بأن الرحلة ستتأخر حوالى نصف ساعة، فلم يهتموا كثيرا بالأمر، فنصف ساعة أو ساعة تأخير تعودوا عليها في رحلات الطيران.


اعتذار وعودة

في الموعد الجديد تحركت الطائرة بركابها على المدرج، ثم جاء صوت كابتن الطائرة مرحبا ومعتذرا عن التأخير ومبلغا بالعودة إلى المطار لوجود خلل فني، وبعد انتظار قصير على الطائرة جاء صوت الكابتن مرة أخرى بأن الطائرة خارج الخدمة، ولا بد من النزول، وعاد الركاب إلى الصالة، وبعد انتظار أعلن النداء الداخلي وعلى الشاشات المعلقة، أن الموعد الجديد هو التاسعة صباحا، أي أن هناك ست ساعات ونصف الساعة من الانتظار الجديد، فعاد بعض الركاب إلى بيوتهم وذهب البعض، ومنهم مسافرو نجران إلى الموظف لمطالبته بالسكن حسب النظام، فرفض بحجة أن الأتوبيس سيأتي متأخرا، ولا يكفي باقي الوقت للإسكان إلى أن تدخل المشرف ووعدهم بالإسكان، ثم وصلت رسالة إلى بعض الركاب بأن الموعد الجديد هو الثانية عشرة ظهرا من اليوم التالي، والذين لم تصلهم الرسالة جاؤوا إلى المطار من الثامنة صباحا، وجلسوا حيارى دون معلومة.

 


هاتف العمليات صامت

وعندما اقتربت الساعة من الثانية عشرة ولا خبر أو نداء، بدأ الركاب يتنقلون بين الموظفين والشاشات التي ذكرت كل الرحلات ما عدا الرحلة البديلة لرحلتهم (2023) التي ذكرت الرسالة أنهم سيصعدون عليها، وهاتف العمليات لا يجيب، وأخيرا تفضل المشرف وأخبر بعض السائلين بأن هناك طائرة تحركت من جدة ربما تصل بعد نصف ساعة أو 20 دقيقة رجما بالغيب، على اعتبار أن "العلوم من الرأس وليس القرطاس" أو شبكة الإنترنت.

في الساعة الثانية ظهرا، شرفت العروس الغائبة، وركب المسافرون وأيديهم على قلوبهم، إلى أن وصلوا بالسلامة إلى جدة الساعة الثالثة، بعدما أمضوا 16 ساعة من الترقب والانتظار، لكن ما لفت النظر هو أن أحد الركاب المرتدين لملابس الإحرام قضى وقته ذهابا وإيابا، وعندما لم يعد يحتمل أكثر طلب إلغاء رحلته، واتجه نحو الشمال رافعا صوته قائلا: "يا رب تراني ما بغيت أبطل، لكن هم الذين حدّوني على ذلك".