تعد (الطوافة) بالنسبة إلى المتشرف بأعمالها مسألة عشق متوارث، وتذكر كتب التاريخ أن هذه المهنة ابتدعت في عهد المماليك قبل 553 عاما، حيث كانوا يفضلون الاعتماد على من يخدمهم، ويدلهم على مشاعر الحج، ثم كانت سمة شرف تُمنح للعلماء والفقهاء والقضاة من سكان الحرمين الشريفين الذين كانوا يستقبلون وفود الدول المختلفة ممن يفهمون لغاتهم، وكانت بيوت العلماء ملجأ طوال العام لطلبة العلم الذين يفدون في الحج، ويتركهم أهلوهم عندهم لتعليمهم، ومن ثم يعودون لأداء رسالة العلم، وخصوصاً في جنوب شرق آسيا، وشبه الجزيرة الهندية، وتركيا، وأفغانستان، والقوقاز، وتركستان.
ويتشرف المطوفون بخدمة حجاج بيت الله، ويتفانون في ذلك، ويشعر الواحد منهم أن له نصيبا في الشرف الذي قلده الملك عبدالعزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ أجداده وآباءه؛ إذ كانت المادة الرابعة في أول مرسوم ملكي كريم أصدره الملك عبدالعزيز بعد دخوله مكة؛ منشوراً لمن في مكة وضواحيها من سكان الحجاز، الحاضر منهم والبادي، تنص على أن: "كل من كان من العلماء في هذه الديار، أو موظفي الحرم الشريف، أو المطوفين ذا راتب معيَّن فهو له على ما كان عليه من قبل، إن لم نزده فلا ننقصه شيئاً، إلا رجلاً أقام الناس عليه الحجة أنه لا يصلح لما هو قائم عليه، فذلك ممنوع مما كان له من قبل، وكل من كان له حق ثابت في بيت مال المسلمين أعطيناه حقه ولم ننقصه شيئا".. وتشهد مهنة الطوافة في كل عام تطورات جميلة، وإنجازات ترفع الرأس؛ ومما رأيته وسرني جدا الأربعاء الماضي حضور أنموذج مشرف من أعمال الطوافة؛ وأسعدني تماما الوقوف على المجهود الكبير الذي قام به (قطاع ساحل البحر الأحمر)، أحد أربعة قطاعات تضمها مؤسسة حجاج الدول العربية، بالإضافة إلى قطاع شمال الجزيرة العربية، وقطاع مصر، وقطاع شمال أفريقيا..
قطاع ساحل البحر الأحمر ـ وكما شاهدت ـ يخدم في مجموعه حجاج السودان، واليمن، وجيبوتي، وأريتريا، وجزر القمر، والصومال، ووصل عدد حجاجه إلى قرابة 50 ألف حاج، يقوم بخدمتهم 300 مطوف، في 24 مكتبا للخدمات الميدانية؛ وأفرحني والجميع ذلك العرض المميز في حفل ختام أعمالهم الموسمية، والذي استطاع أن يجمع بصورة مختصرة جهود القطاع في استقبال ضيوف الرحمن، والإشراف على تغذيتهم في مكة والمشاعر، واهتمامهم بعمل مخيمات حديثة مناسبة، وإنجازهم في تفويج الحجيج، ونفرتهم من مشعر عرفات في وقت قياسي، ومساهمتهم الكبيرة في إسعاف مصابي حادثة التدافع، وتحويل أحد أهم مواقعهم إلى مستشفى ميداني، وممر آمن أثناء الأزمة، مما كان له الأثر الكبير في تخفيف المعاناة؛ والحقيقة أن ما رأيته من أعمال يؤكد ما بدأت به المقال من أن خدمة الحاج التي تقوم بها كل المؤسسات المعنية بالحج فوق أنها (شرف وأمانة ومسؤولية)، هي عشق أزلي..
أخيرا، وعلى مائدة جانبية جرى حوار خاص عن المعاناة السنوية المتكررة من قبل (حجاج الفرادى)، وهم الذين لا يخضعون إلى بعثات دولهم، ويصلون بمفردهم، أو عن طريق تأشيرات خاصة تمنح من سفاراتنا في الخارج، خارج إطار التأشيرات الممنوحة لبعثات الحج، وأستطيع أن أقول إن هذه المعاناة المؤرقة لا بد لها من حل ناجع، ولا أقل من إلغاء تصاريح شركات الحج الخارجية نظير عدم التزامها بمواصفات الخدمات المقدمة لهم.تعد (الطوافة) بالنسبة إلى المتشرف بأعمالها مسألة عشق متوارث، وتذكر كتب التاريخ أن هذه المهنة ابتدعت في عهد المماليك قبل 553 عاما، حيث كانوا يفضلون الاعتماد على من يخدمهم، ويدلهم على مشاعر الحج، ثم كانت سمة شرف تُمنح للعلماء والفقهاء والقضاة من سكان الحرمين الشريفين الذين كانوا يستقبلون وفود الدول المختلفة ممن يفهمون لغاتهم، وكانت بيوت العلماء ملجأ طوال العام لطلبة العلم الذين يفدون في الحج، ويتركهم أهلوهم عندهم لتعليمهم، ومن ثم يعودون لأداء رسالة العلم، وخصوصاً في جنوب شرق آسيا، وشبه الجزيرة الهندية، وتركيا، وأفغانستان، والقوقاز، وتركستان.
ويتشرف المطوفون بخدمة حجاج بيت الله، ويتفانون في ذلك، ويشعر الواحد منهم أن له نصيبا في الشرف الذي قلده الملك عبدالعزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ أجداده وآباءه؛ إذ كانت المادة الرابعة في أول مرسوم ملكي كريم أصدره الملك عبدالعزيز بعد دخوله مكة؛ منشوراً لمن في مكة وضواحيها من سكان الحجاز، الحاضر منهم والبادي، تنص على أن: "كل من كان من العلماء في هذه الديار، أو موظفي الحرم الشريف، أو المطوفين ذا راتب معيَّن فهو له على ما كان عليه من قبل، إن لم نزده فلا ننقصه شيئاً، إلا رجلاً أقام الناس عليه الحجة أنه لا يصلح لما هو قائم عليه، فذلك ممنوع مما كان له من قبل، وكل من كان له حق ثابت في بيت مال المسلمين أعطيناه حقه ولم ننقصه شيئا".. وتشهد مهنة الطوافة في كل عام تطورات جميلة، وإنجازات ترفع الرأس؛ ومما رأيته وسرني جدا الأربعاء الماضي حضور أنموذج مشرف من أعمال الطوافة؛ وأسعدني تماما الوقوف على المجهود الكبير الذي قام به (قطاع ساحل البحر الأحمر)، أحد أربعة قطاعات تضمها مؤسسة حجاج الدول العربية، بالإضافة إلى قطاع شمال الجزيرة العربية، وقطاع مصر، وقطاع شمال أفريقيا..
قطاع ساحل البحر الأحمر ـ وكما شاهدت ـ يخدم في مجموعه حجاج السودان، واليمن، وجيبوتي، وأريتريا، وجزر القمر، والصومال، ووصل عدد حجاجه إلى قرابة 50 ألف حاج، يقوم بخدمتهم 300 مطوف، في 24 مكتبا للخدمات الميدانية؛ وأفرحني والجميع ذلك العرض المميز في حفل ختام أعمالهم الموسمية، والذي استطاع أن يجمع بصورة مختصرة جهود القطاع في استقبال ضيوف الرحمن، والإشراف على تغذيتهم في مكة والمشاعر، واهتمامهم بعمل مخيمات حديثة مناسبة، وإنجازهم في تفويج الحجيج، ونفرتهم من مشعر عرفات في وقت قياسي، ومساهمتهم الكبيرة في إسعاف مصابي حادثة التدافع، وتحويل أحد أهم مواقعهم إلى مستشفى ميداني، وممر آمن أثناء الأزمة، مما كان له الأثر الكبير في تخفيف المعاناة؛ والحقيقة أن ما رأيته من أعمال يؤكد ما بدأت به المقال من أن خدمة الحاج التي تقوم بها كل المؤسسات المعنية بالحج فوق أنها (شرف وأمانة ومسؤولية)، هي عشق أزلي..
أخيرا، وعلى مائدة جانبية جرى حوار خاص عن المعاناة السنوية المتكررة من قبل (حجاج الفرادى)، وهم الذين لا يخضعون إلى بعثات دولهم، ويصلون بمفردهم، أو عن طريق تأشيرات خاصة تمنح من سفاراتنا في الخارج، خارج إطار التأشيرات الممنوحة لبعثات الحج، وأستطيع أن أقول إن هذه المعاناة المؤرقة لا بد لها من حل ناجع، ولا أقل من إلغاء تصاريح شركات الحج الخارجية نظير عدم التزامها بمواصفات الخدمات المقدمة لهم.