صدقنا أحلامنا... صوّبنا مفاهيمنا... أقنعنا أنفسنا بغير ما هو ظاهر على أرض الواقع، وآمنا بالحظ والصدفة وما إلى هنالك، وأعلنا تفاؤلنا الممزوج بالحذر أن ناديي الشباب والهلال سيكونان طرفي المباراة النهائية لدوري أبطال آسيا بكرة القدم.

فعلنا ذلك لعل وعسى التفاؤل يجر التفاؤل، مع أننا من الذين وجدوا أن أداء الناديين وخاصة الهلال لم يرتق إلى المستوى المطلوب للمنافسة على اللقب الآسيوي، واعتمدنا على طبيعتنا العربية المؤمنة بالأساطير وحكايات علي بابا والشاطر حسن، ولا يخلو الأمر طبعاً من بعض عبارات التشجيع وشحذ الهمم... وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان... ولما جدّ الجدّ، وفي يوم افتقد فيه البدر والشمس والقمر سكت الكلام وتحول الصمت إلى هدير داخلي ليس له قرار، وسؤال واحد فقط مطروح وما زال دون جواب: أين كان لاعبو الفريقين؟.

أنا واحدة من الناس الذين لم يجدوا معظمهم في الملعب يوم الأربعاء الماضي... لم نجد سوى أشباه لاعبين... لم نجد سوى لاعبين يركضون هنا وهناك دون روح ودون تصميم على الوصول إلى المراد، بينما الفرق الأخرى تقاتل دون هوادة... نادي الشباب كان يكفيه التعادل ونادي الهلال المتخم بالنجوم كان على بعد خطوة، ومع ذلك افتقدناهما وافتقدنا لمسات المدربين وكأن كلا الفريقين يلعبان مباراة ودية مثقلة بالتعب وبعيدة عن الاهتمام!.

لماذا بتنا نرى في معظم الفرق السعودية رجالاً يلعبون وكأنه أصابهم الملل، وكأن حالتهم النفسية لا تقوى على النهوض بحالتهم البدنية؟... لماذا هذا التقاعس؟... هل أصبح توقيع العقد هو الهم والاهتمام وبعد ذلك ليحدث الطوفان؟.

كلمة وردّ غطاها... يبدو أن هناك مشكلة حقيقية تواجه الكرة السعودية آن لها أن توضع على الطاولة وأن يجتمع كل المعنيين لدراستها وحلها، لأنها للأسف أصبحت وكأنها حالة وراثية يتناقلها اللاعبون من أنديتهم إلى المنتخبات الوطنية... آن لواقع الكرة السعودية أن يناقش على مستوى مؤتمر وطني تدعى له كل الخبرات الوطنية لتناقش بصراحة متناهية كل الأمور الظاهرة والمخفية... فلقد مرت عليها في الآونة الأخيرة أوضاع لا تسر الخاطر ويجب معرفة الأسباب التي قد تنذر عن واقع أمرّ إن لم تناقش بكل موضوعية (واقع الأندية... واقع الاحتراف... واقع الفئات العمرية... الواقع التربوي...الخ..)، كلها وغيرها تصلح عناوين للنقاش إذا أردنا أن نخرج من هذا النفق، فخسارة الشباب والهلال قد تكون عادية في ظل الظروف الطبيعية للرياضة التي فيها الفوز والخسارة ولكنها ليست كذلك ضمن المعطيات التي فرضت نفسها على أرض الواقع كمعوقات حقيقية للكرة السعودية.