بعد انكشاف تفاصيل "القرض المعجل" لست متحمسا للحديث عن تلك التفاصيل، ففكرته اتضحت لدى الناس بعدما أشبع طرحا مبرحا، سواء في وسائل الإعلام الرسمية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أصبح هناك شبه اتفاق على أن هذا القرض ليس إلا أنموذجا للرأسمالية التي تتلاعب بحياة البسطاء، بعد تغليفه بمزايا ملغمة يكتشف لاحقا من يقع في براثنه أنه ليس سوى شَرَكٍ لن يستطيع التخلص منه بسهولة!
سؤالي هنا عن عبقرية من ابتكر "القرض المعجل"، فهل كان صاحبه يرى أنه داهية ليحاول تمريره على الملايين مستغلا حاجتهم إلى تملك المسكن بأسرع وقت ممكن. أم أن المسألة لا تتجاوز كونها "درعمة" من مسؤول ما حاول "التميلح" أمام طابور منتظري السكن، فخرج به كـ"مسكن موضعي" لتخفيف الحنق الشعبي عليه؟!
في بلادنا جرت العادة أن نثق بالمسؤول ونأتمنه على شؤون حياتنا. نعم هناك أخطاء يرتكبها بعض التنفيذيين فتجعلهم تحت مقصلة نقد الرأي العام، لكننا في النهاية ندرك أنه اجتهاد لم يوفق صاحبه، ولا يعقل بسببها اتهام مسؤول بالتآمر عندما يخفق في صناعة أو تنفيذ قرار ما.
لذا من الخطورة فقدان ثقة المواطن في حل ملف حيوي كالإسكان مثلاً، لأن الأمر سيصبح بمثابة عدوى سرعان ما تتفشى إلى بقية الأجهزة الخدمية الأخرى كالصحة والتعليم والتوظيف.
وعندما تطرح برامج كالقرض المعجل، ثم تتكشف للمواطن تبعاتها عليه، لكن بعد أن يجد نفسه غارقا في الديون من قمة رأسه إلى أخمص قدميه؛ عندها سيدخل في مرحلة عدم الثقة بالذي أغراه بمثل ذلك البرنامج.
لا أحد مستفيد من القرض المعجل بقدر البنوك وبعض تجار العقار. فالمصارف ستنعم باستثمار لفوائضها المالية من خلال منح قروض بفوائد، فيما العقاريون سيكون لهم نصيب تحريك سوقهم الذي يشهد ركودا بعدما أوصلوا أسعاره إلى أرقام خيالية، حتى امتنع الناس عن الشراء عجزا، لا زهدا.
ولصاحب فكرة "القرض المعجل" همسة في أذنه: "هاردلك.. ولا تعودوها مرة ثانية"!