من لم يسبق له أن شاهد مواقف التلصص على البسطاء باسم التدين، هاله مقطع الفيديو لراكب التاكسي وهو لا يعلم أن البعض قد تعلم تلك الممارسات، ولم يتعلم فضائل حسن التعامل مع الآخرين، وكف اليد عن إيذائهم، أو لنقل التحلي بخلق الإسلام في التعامل. فهذا الخلق لا يخولك دس أنفك في خصوصية غيرك، متخذا من مبدأ الغلبة للأكثرية سندا وقوة تمارس في كنفه سادية مقيتة، تنتهي بموقف خسة يوضح ضحالة الفكر الذي تحمله لينحدر بك إلى قبض ثمن السكوت على موقفك المعيب، والذي صوره لك الملقن على أنه موقف تشكر عليه ويصفق لك، وهناك بالفعل من تفاعل بالتهليل وليس التصفيق فقط!
وإن كان هذا الموقف التلصصي قد راع البعض، فلهم في المواقف المشابهة مثال، وهي ترتكب عند بوابات المدارس والجامعات وفي الأسواق والساحات، وتقوم بها في جانب النساء تحديدا من ضاعت ملامحهن بين الجلافة واللين، وقد فوضن لتجوس أكفهن في خصوصيات الصغار والكبار، بحثا عن قصاصة كتبت فيها آية أو دعاء أو مقطع موسيقي أو شعري، ليكبرن مع سيل من التقريع بصيغة الجرم المشهود الذي يستوجب الفصل أو الحرمان وحتى الحبس ومصادرة الأداة التي حوت الجريمة، وهنا تهمة لا تقبل التبرير أو المسامحة، والتهمة مخالفة شرعية، آية قرآنية دست في مكان ما أو مقطع وصف بالمخل، وفيما يقمن بدور الأتقياء، ظاهرهن يدحض ذلك تماما!
تناقض سافر، فما نعلمه لصغارنا ليكبروا عليه، بأن في جسدك مواضع لا تسمح لأحد بلمسها، لكن هناك من يتم توظيفهم لاستباحتها، والهدف استخراج لفافة ورق أو منديل من مواضع هي في عرف الفضائل من المحرمات، والتي لو تجاوزها شخص ما في بلد آخر لطبقت في حقه أقسى العقوبات، وهنا إذا كان الراكب تلصص على صورة، فغيره سمح له بالوصول إلى أبعد من الحقيبة ومحتوى الجوال، وهنا نتساءل: كيف انتشرت بعض السلوكيات التي تجنح إلى التطرف والشذوذ؟ والإجابة تكمن في طرق التفتيش وأهدافها!