إن المتأمل لما كتبه شافي الوسعان في مقاليه: الأول يوم الإثنين 30/ نوفمبر/ 2015 والثاني الجمعة 4/ديسمبر /2015 حول الفقراء إلى ربهم "مشايخ القبائل"، يتبادر إلى ذهنه في الوهلة الأولى أنه أمام فئة جُلّ همها الاستيلاء على حقوق أفراد قبائلها واستغلالهم. وللأسف أن تلك الصورة النمطية قد تتكون لدى البعض من الناس إيماناً وتصديقاً بما أورده الكاتب الذي –برأيي- حاول نزع ثقة المجتمع من مشايخ القبائل، وكذلك الإيحاء أن هذا وضعهم العام وما صاحبه من تشويه صورة جميلة ارتسمت عبر الأجيال والحكم على الكل بفعل البعض.
وقد شدني هذا التواتر الهجومي إلى تسليط الضوء على بعض الجوانب التي لم يشملها قلم الكاتب، وأنا لا أكتب منازلة للكاتب أو لأجل الرد ذاته أو تعصباً، بل لنضع أيدينا على مكامن الخلل، ومن هنا قد أوافق الكاتب على أن هنالك ربما من يشملهم ما ذكره بمقاله، وأقول إننا لسنا منزهين عن الخطأ أو استثناء عن البشر، نحن نخطئ كغيرنا من الناس وليس منا معصوم، إلا أنه في المقابل ليس بالضرورة أن كل ما كتبته صحيح، لا سيما أنك اعتمدت على أسلوب الهجوم والجزم بما تعتقد، بعيدا عن الموضوعية، ويتجلى ذلك في حجم التناقضات التي أوردتها.
نحن لا نرفض النقد البناء، وندرك تماماً أننا والمجتمع شركاء في كل شيء، إن كانت هناك نماذج لمشايخ كما ذكرت ولديك الأدلة فعليك اللجوء إلى الجهات الرسمية لمعالجة الأمر، بدلاً من إحداث شيء من الضجة الاجتماعية التي نحن في غنى عنها، وكذلك فإنه ليس من العدل أن تنسف جهود هؤلاء الذين يقومون بأعمال جليلة وأدوار عظيمة يجهلها الكثيرون، وأقول لو قدر لك أن وليت مشيخة القبيلة لفترة ليست بالطويلة بتلك الإمكانات والمعطيات الضعيفة التي يملكها مشايخ القبائل لتراجعت في كثير مما كتبت، ولأعدت النظر في أحكامك التي أطلقتها، ولأدركت أن السواد الأعظم منهم يستحقون بجدارة أن توظف قلمك لإبراز مآثرهم، لا أن يؤخذوا بجريرة هؤلاء القلة الذين بفعلهم حكمت بإطلاق دون تقييد.
أخيراً، أود القول إن الوطن غال علينا جميعا، وكذلك ولاة أمرنا، حفظهم الله، وهم يستحقون أن نبذل أقصى طاقاتنا، وأن نوظف كل إبداعاتنا في كل ما من شأنه دعم استقرار هذه البلاد المباركة، وأن نجعل قضيتنا تكريس اللحمة الوطنية وتعزيز الانتماء وحب الوطن والولاء له وأن نغرسه في أجيالنا الناشئة، وأن نكون سبباً في نشر الثقافة الواعية، وأن نرقى بمجتمعنا عن المنزلقات التي لا طائل من ورائها سوى إحداث البلبلة والتفرقة وخلق بيئة للاختلاف والمنازعة.
شيخ قبائل بنى قطبة
تركي بن عبدالله بن بجاد