أستغرب جدا إصرار بعض إدارات التعليم في المناطق على استمرار استئجار عدد من مباني المدارس الآيلة للسقوط على رؤوس بناتنا وأخرى رديئة؛ فمع أن هذه المدارس هي في الأساس غير صالحة لأن تستقبل الطالبات كونها تفتقر إلى شروط هندسية يستلزمهـا المبنى كمدرسة تتناسب مع العملية التعليمية التربوية بشكلها العلمي الصحيح الذي يليق بالقرن الواحد والعشرين؛ إلا أن المسألة تتجاوز هذه الحدود تماما؛ ويمر العقد على استئجار مدرسة رديئة سنوات وسنوات يستفيد خلالها المؤجر من مئات الآلاف التي تدفعها الوزارة مقابل مبنى شعبي آيل للسقوط؛ مثل مدرسة الحصمة الابتدائية والمتوسطة للبنات في جازان، والتي نشرت عنها جريدة عكاظ منذ يومين؛ فالمدرسة وهي مبنى مستأجر تهوي بقطع خشبية وأسمنتية على رؤوس الطالبات في بعض الفصول نتيجة تشققات جدارية تخيف الصغيرات ومعلماتهن وتوحي بسقوطها في أي لحظة!!.
ويبدو أن أرواح بناتنا الصغيرات رخيصة؛ ألا يكفي أن جميع الطالبات في المدارس الحكومية يذهبن إلى سجون كل صباح لا إلى مدارس تفتح عقولهن بل تتربسها بالضبة والمفتاح؛ لأنهن يحملن في أجسادهن جينات "حواء"!؟ فنهدد أيضا حياتهن بزجهن في مبان سيئة رديئة آيلة للسقوط!! يتم تمديد عقد إيجارها رغم سوء المبنى سنوات وسنوات، وأتساءل لماذا هذا الإصرار فعلا على تمديد مثل تلك العقود رغم معرفة إدارات المناطق جيدا بعدم صلاحيتها حتى للسكن الآدمي، فما بالكم بالعملية التعليمية؟! هل هناك مصالح مخفية تحت الطاولة مثلا ؟! هل المؤجر لديه حظوة لهذه الدرجة التي يُستهان فيها بأرواح الطالبات والمعلمات ؟! أم إنه الإهمال وعدم المبالاة والتبلد نتيجة أكل الفول والتميس صباحا في مكاتب تلك الإدارات!؟
فكما نقل خبر عكاظ بأن مدير الإعلام التربوي في إدارة التربية والتعليم في جازان يقر بوجود تشققات وتصدعات داخل هذه المدرسة؛ وبكل بساطة يقول:"على الطالبات والمعلمات الانتظار حتى يتم الانتهاء من المبنى الجديد "هل يعقل هذا ؟! قطع خشبية وأسمنتية تتساقط على رؤوس الطالبات ويطلب المسؤول منهن الانتظار؟! إلى متى !؟ هل ينتظرن حتى تسقط المدرسة على رؤوسهن جميعا !!؟ ونحصد عددا من الوفيات!؟ وتتناقل الصحف هذه الفضيحة التعليمية اللاإنسانية في صفحاتها الأولى مع صور الضحايا ؟! هل هذا ما ينتظر فعلا؟! سبحان الله.
أخيرا؛ على وزارة التربية والتعليم أن تكون جادة فعلا وحاسمة بشأن هذه المدارس خاصة في المدن الصغيرة والقرى؛ فيكفي فضائح تطوير المناهج التي تتكشف لنا يوما بعد يوم لتهدد العقول؛ لتكون هناك فضائح تعليمية أخرى تهدد الأجساد!! فليس من المعقول أن يتم تطوير مدارس المدن المركزية والحد من المستأجر فيها بينما تبقى رؤوس طالباتنا وطلابنا في المدن الصغيرة والأطراف مهددة بالموت!؟ لأن هؤلاء ليسوا من المريخ بل من أبناء الوطن مثلهم مثل أبناء المدن المركزية؛ والله المستعان!