عالم اللإنسانية تتصدر فيه أخبار القتل والدمار واجهات الصحف وشاشات التلفزة، كاشفة عن انحدار خطير ومتزايد على مستوى القيم، الرحمة والشفقة والتسامح لدى الجنس البشري، الذي ما إن يخرج من حرب حتى يبدأ بأخرى، لتكون حمامات الدماء صورة اعتيادية يتلقاها البشر كروتين يومي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.

في هذا العالم الفسيح -الذي ومنذ أن خلق الله الإنسان على أرضه- لم يأل الإنسان جهدا في تطوير أساليب عيشه والرقي بحضارته وخدمة مصالحه بشتى الطرق، جاعلا نصب عينيه هدفا وحيدا توارثته أجياله، وأخذت الأمم تتناقله من عصر إلى آخر، وهو جعل هذا العالم أجمل وأروع وأصلح للعيش الكريم. ولكن في طفرة شيطانية استبدادية طغت على عصابة حاولت بشكل أو بآخر أن تجير هذا العالم وقاطنيه لخدمة مصالحها الشخصية أو القومية على حساب حرية الشعوب الأخرى ومعيشتها واطمئنانها، تغيرت معالم هذا الهدف السامي النبيل الذي من شأنه أن يُعلي من كرامة أي إنسان على الأرض بغض الطرف عن أصله ولونه إلى هدف وضيع، جعل من البشر طبقات يعلو بعضها فوق بعض، وما سبب ذلك سوى صراع الأمم على جعل غيرهم ممن يشاركونهم هذه البسيطة تحت أمرهم، تابعين لهم، لذلك تغيرت مفاهيم ورؤى الصناعة والتطوير في العالم.

البشرية بحاجة إلى صوت معتدل، صوت مفعم بروح الإنسانية، بقيم التعايش، يخلص من بقي من الناس من نشاز أصوات الظلم والطغيان والاستبداد، وينقلهم بدوره إلى عالم أكثر رحابة واتساعا وتقبلا للآخر.