في مارس 2011 "قبل أربع سنوات ونصف السنة" صدر قرار ملكي برصد 265 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية ضمن برنامج "معجّل"، ومنذ ذلك الحين لم تبن الوزارة حتى 10% من هذه المساكن، بل إن عدد الأسر زاد أكثر من 700 ألف عائلة، بمعدل 160 ألف حالة زواج في السنة، ما زاد من الطلب على المساكن، والتي شهدت ارتفاعا في الأسعار.
تحدثت الصحف المحلية هذا الأسبوع عن حاجة السوق المحلي لـ"مليون ونصف المليون" وحدة سكنية نقلا عن وزير الإسكان، وكانت وزارة الإسكان قبلت طلبات لـ"750 ألفا" من الأسر، استوفت شروط التقديم على المساكن العام الماضي.
أيضا، فإن عدد المساكن المصنفة "شعبية" أكثر من عدد المنازل المصنفة "فيلا"، حسب تقرير عام 1431 لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، إذ إن عدد الأسر السعودية التي تسكن المنازل الشعبية 807 آلاف، بينما تسكن 765 أسرة في فلل، وتقطن مليون عائلة في شقق، وتسكن بقية الأسر"(400 ألف أسرة" في دور من فيلا أو دور من مسكن شعبي.
الوضع كما هو، يحتاج إلى برامج سكنية ضخمة، ومبنية على أسس سليمة ومتينة، وكما ذكرنا أعلاه، أي تأخير يفاقم من المشكلة، وما حصل خلال الأعوام الأربعة الماضية هو تجارب أو محاولة تجارب لمنتجات سكنية لم تنتج أي مخرجات مأمولة.
أدرجت وزارة الإسكان العوائل المستحقة للسكن، والتي استوفت الشروط ضمن "قائمة" حسب الأولوية، وبدلا من الشروع في بناء منازل لمن هم في أعلى القائمة، خصوصا أن الأموال مرصودة ومركونة، تفاجأ الجميع باهتمام الوزارة "فقط" بمن هم في ذيل القائمة، واستحدثت برنامجا لتسريع هؤلاء، وسمي البرنامج "القرض المعجّل"، إذ يقترض المستفيد 500 ألف ريال من البنوك والمؤسسات المالية، ويدفع الأقساط حسب راتبه خلال 5 أو 10 أو 15 عاما، بينما يسدد صندوق التنمية العقاري فوائد القرض خلال الفترة نفسها، والتي تعدّ دَينا على المستفيد يسددها بأقساط متساوية خلال 5 سنوات تبدأ بعد اكتمال تسديد القرض الأساسي.
مدة القرض 15 سنة لمن رواتبهم دون 15 ألف ريال، وقيمة القسط 2777 ريالا شهريا، ولمن رواتبهم بين 15 ألف و25 ألف ريال فمدة القرض 10 سنوات وقسطه الشهري 4166 ريالا، أما الذين رواتبهم أكثر من 25 ألف فمدة القرض 5 سنوات والقسط الشهري 8333 ريالا، وطبعا يرهن الصك لدى صندوق التنمية العقاري.
فمثلا، يقترض الشخص 500 ألف ريال وفوائدها تقريبا 225 ألف ريال، ويسدد أقساط القرض الأساسي 2777 ريالا شهريا لمدة 15 عاما، وبعد سداد القرض الأساسي، يسدد المستفيد الفوائد لصندوق التنمية العقاري 3750 ريالا شهريا لمدة 5 سنوات.
لا يوجد تفسير للاهتمام بالمسجلين في ذيل القائمة دون مقدمتها، غير أنه تعجيل يأمل تحريك سوق العقار قبل فرض الرسوم على الأراضي، والتي كان من المفترض أن تعجّل.
عموما، القرض المعجّل هو قرض لشراء سكن جاهز أو تحت الإنشاء أو بناء جديد، بشرط أن يمتلك المقترض أرضا مسبقا، ومن يقترض "المعجّل" لا يحق له حالا ولا مستقبلا التقديم على أي برنامج "منح أراضي".
هذا الشرط سيحد كثيرا من فرص التقديم على "المعجّل" لاستحالة البناء قبل الحصول على أرض.
وبما أن هناك شرطا من مؤسسة النقد ألا يتجاوز مجموع القروض للشخص أكثر من ثُلث الراتب "سواء قرض شخصي أو عقاري"، فإن الحد الأدنى للراتب هو 8331 ريالا للحصول على قرض، إذ إن ثُلثه 2777 ريالا وهو القسط الأدنى، بشرط ألا يكون على المقترض قروض أخرى، وهذا مما يزيل الفرص من 90% من المواطنين.
نحن نعلم جميعا أن متوسط رواتب السعوديين 4800 ريال في القطاع الخاص وتقريبا 7500 ريال في القطاع الحكومي، إذًا "المعجّل" لن يُمنح لمن هم بمتوسط الراتب وما دون.
ولتلخيص ذلك، يجب أن يكون الحد الأدنى للراتب 8331 ريالا شهريا، وبشرط ألا يتعدى مجموع القروض ثُلث الراتب، وامتلاك أرض مسبقا إلا إن كان يريد شراء شقة.
أما على أرض الواقع، فلا القرض المعجّل ولا القرض العادي كافيان لبناء دور واحد، وحقيقة أن 90% من المواطنين مقترضون حسب تقرير مؤسسة النقد، والذين يملكون أراضي مسبقا قليلون جدا.
هذا ولم نتحدث عن الأثاث وأعباء الأقساط بعد البناء، فضلا عن ارتفاع الأسعار حتى لو تم إقراض أعداد قليلة، جميعها لا تبشر بحسن القرارات، لأنها قرارات لم "تُصنع" في مراكز دراسات، بل "اتُخِذت" في غرف اجتماعات.
القرض المعجّل سيخدم شريحة قليلة جدا، وهي التي ليست في حاجة إلى قرض، وسنشهد كثيرا ممن يتحايل بالشراء من أخيه ورقيا والاستفادة من القرض في عمل شيء آخر. المهم أنه سيحرك ركود العقار وأموال البنوك الراكدة.