يكمل مشروع "كلمة" عامه التاسع، بعلاقات مع دور نشر مهمة حول مختلف أرجاء العالم، تزيد عن المئة دار، وأكثر من خمسمئة مترجم.
المشروع يسعى بجدية ووعي كبيرين إلى سدّ ولو شيء من فراغ النقصان الهائل الذي يعانيه الإنسان العربي منذ ألف عام من الاطلاع على ثقافات الشعوب، ومنجزات الإرث الإنساني، قديمه وحديثه، بسبب ضعف حركة الترجمة، وغياب المؤسسات المحترفة.
الإحصاءات التي تقارن ما يُنقل من وإلى العربية، إزاء عوالم الترجمة في لغات أخرى تدعو إلى الإحباط والأسى.
في تقرير التنمية البشرية عام 2003، ذكر التقرير أن مجموع ما ترجمه العرب منذ عصر الخليفة المأمون وحتى العصر الحالي لا يتجاوز العشرة آلاف كتاب، وجاء في المقارنة أن هذا الرقم تنجزه دولة واحدة مثل إسبانيا سنويا.
كما أن الدول العربية مجتمعة لا تُترجم سوى 20% مما تترجمه اليونان، سنويا أيضا. إسبانيا واليونان لم تعودا تلك الدولتين الرائدتين ثقافيا. إذًا ما الذي يحدث في الأميركيتين وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.. إلخ.
سنتعب ونحن نشكر مشروع "كلمة" بهيئة أبوظبي، والقائمين عليه، يكفي أن تلتقي مثلا بالدكتور علي بن تميم لتحترم هذا الهمّ الثقافي الحقيقي والرهان على المعرفة والفنون في إنقاذ ما أمكن من وعينا وقيمتنا. ما نحتاج إليه هو مثل هذا، هو العمل المؤسسي الفاعل حقا، والذي لن تنعكس نتائج تنميته على مستوى الإنسان الإماراتي فقط، بل وعلى الجيران، والإنسان العربي بعموم. في هذا العام 2015 قدمت "كلمة" كثيرا من الأعمال، أشير إلى واحد من أجملها، إنه كتاب "111 فضيلة – 111 نقيصة، عرض فلسفي" للألماني، أستاذ الفلسفة والأدب بجامعة غوته في فرانكفورت، مارتين زيل، ونقل الكتاب إلى العربية الدكتور نبيل الحفار. الفيلسوف زيل استعرض من زواياه العميقة مئة وإحدى عشرة فضيلة، ومثلها من النقائص الإنسانية. في الصفحات 275 و276 يقول مارتن: "أما استقصاءات هذا الكتاب فتؤدي إلى نتيجة أخرى: إن كل ميزة بشرية تنطوي على ميل للضلال عن درب الفضيلة، وتنطوي كل رذيلة على محفز على الانعطاف نحوه. لنقل بشيء من المبالغة: إن الفضائل هي رذائل لم تستنفِذ أسوأ ما فيها، والرذائل هي فضائل تضيّع أفضل ما فيها. على الإنسان أن يدرك علاقة القربى بين الفضائل والرذائل إذا أراد أن يفهم النزاع القائم بينهما، هذه المقولة لا تهدف إلى إسقاط التباين بين الفضائل والرذائل، بل بالعكس. المهم أن نكون منصفين بحقها من دون ضيق أفق".