وجوابي، على العنوان، أنها طبيعة المرحلة وإرهاصة الزمن. والعنوان هو إجابتي على سؤال صديق يستغرب فيه سلوك وزير يشجع فيه ناديه المفضل، أو آخر لا يمانع أبداً من أخذ صور "السيلفي" مع معجبيه. لا بد أن ندرك ونعي أن هؤلاء الوزراء هم إنتاج الجيل الثالث من دورة التعليم الوطني مثلما هم أيضاً من خراج التحولات المجتمعية تحت ضغط التقنية. وفي القريب العاجل، لا تستغرب أن يكون معالي الوزير هو ذلك الشاب الذي كنت تلعب معه "الجيم" على ضلع الدائري الشرقي بالرياض، أو ذلك الذي كان يحمل بجوارك أعلام نادي الاتحاد في المدرج المقلَّم. بالنسبة لي، لن تسرقني الوظيفة "المحنطة" ولا هيبة الثقافة والفكر عن "أهلاويتي" التي أتبادلها بسرور مع كل طفل أخضر التقي به في البقالة المجاورة على رأس الشارع. هي مرة أخرى طبيعة الزمن وتحولاته العلمية والتقنية. لا يمكن أبداً، وعلى سبيل المثال، أن تضع عزام الدخيل في جلباب المرحومين حسن آل الشيخ وعبدالعزيز الخويطر حيث كان التصريح من فم أحدهما يحتاج لعام كامل ثم تنتظر من وزير الزمن الجديد أن يحذو خطاهما وهو الذي يحمل في جيبه جهاز تواصل عصري بأربع أو خمس وسائط مختلفة. ومرة ثالثة، هي طبيعة الزمن المحمودة: مجلس الوزراء نفسه الذي تشكل في ثوبه الجديد من أجل تشبيب مفاصل الإدارة العليا للدولة، منقسم بين الميول للنصر والهلال، مع إضافات ثانوية للأهلي والاتحاد، فلماذا نحاول أن نسرق من صاحب المعالي حياته الخاصة؟ لماذا نعيب على وزير الإسكان، تغريدات الميول الرياضي، وهو حقه الشخصي، ثم نعيب على النقيض فيما سبق عدم "تشبيب" وزراء الدولة؟ ولو أنكم سألتموني: من هو برأيك أفضل كفاءة في كل تاريخنا الوزاري لمنصب وزير الثقافة؟ الجواب التلقائي يقول بلا تردد: غازي القصيبي، رحمه الله. لكن طبيعة العصر وإرهاصة التقنية ستقولان بلا جدال إن "أبا سهيل" لن يكون الأنموذج المثالي على الإطلاق كوزير ثقافة في عصر موت القلم ووفاة الورقة أمام هذا الزحف "السايبري" الإلكتروني. سأختم بهذه المعلومات كإشارات ودلائل: عدد النواب في مجلس العموم البريطاني الذين يصلون إلى القاعة الشهيرة عبر "المترو" تضاعف أربع مرات في عشر سنوات. انتهى عصر "الليموزين" والسائق الخاص إلى البوابة رقم "5" في "وستمنستر" وابتدأ عهد النخب السياسية التي تأتي من القاع المجتمعي وآلامه وهمومه وأيضا هواياته وطبيعة عصره وإرهاصات تقنيته.