رجعت "ماجد" المجلة لكن بصيغة بصرية، تحولت إلى قناة فضائية تبث مواد قريبة مما كانت تنشره في ذلك الزمن، طفولة الثمانينيات تحفظ تفاصيل وذكريات كثيرة حول الاسم والفكرة والأبطال، رحلة سفر أسبوعية وتطواف فكري في فضاء العالم العربي الثقافي والإنساني، لم تكن ماجد المجلة في أساسها فكرة تجارية، كما أنها لم تعمد إلى تمرير أفكار من أي نوع سوى ما كان إنسانيا وتربويا مبشرا وواعدا، واليوم أشاهد القناة لاستدعاء طفولة مفقودة والسفر في ذاكرة الأيام ومحاولة تشجيع ودعم أطفالي خصوصا وسط هذا الهجوم التجاري الاستهلاكي الشرس، ومحاولة ربط كارتونية بين جيلين لا رابط بينهما بمحاولة مستترة للمفاخرة بنوعية وفرق وجودة منتجات عصر على آخر.

عاد "ماجد" شابا لطيفا أنيقا بذات البهجة والتيقظ الذي يلمع في عينيه ليقول أشياء كثيرة توارت بعده، صحيح أن الظروف السياسية والاجتماعية اختلفت، وتراجع حجم واتساع الآمال والطموحات التي كان يفترضها، لكن العودة بحد ذاتها مشروع أمل وبادرة تفاؤل، ومن التصادفات اللافتة أن تترافق تلك العودة مع إعادة بث البرنامج التربوي الشهير "افتح يا سمسم"، بعد أن توقف إنتاج النسخة العربية بتراجع دور ومخصصات مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج منذ 25 عاما.

تعود الثمانينيات لتقول بصراحة إن ما حدث بعدها كان خطرا، المنتجات ذات النزعات التجارية طغت على المبادئ والمفاهيم الأساسية للطفولة والتربية، أصبح الصخب والألوان الفاقعة والشخصيات المضطربة نماذج والأطفال مجرد مستهلكين، أرقاما في سوق المبيعات وقوائم الشركات السنوية، اليوم تعيد مؤسساتنا في الخليج الانتباه إلى الأمر فتتشجع لإعادة إنتاج هذه النوعية من الأعمال التلفزيونية، وهذا أمر جيد يغرس أمورا إيجابية عدة في نفسية الطفل وذاكرته وتكوينه الثقافي والإنساني، ويخلق تواصلا عابرا للأجيال يعيد التأكيد على أن ما هو جيد وعميق وهادف لا يمكن لظروف الزمن أن تتجاوزه مهما تصاعدت نزعات التسويق وشاعت قوى الترويج واشتبكت المصالح ومضت السنوات.