يتعرض العالم الحديث للاضطرابات بشكل متواصل، وبالتالي يواجه باستمرار تحديات جديدة. لنأخذ موجات اللاجئين الحالية من منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من أفريقيا أو من غرب البلقان إلى أوروبا، كيف ينبغي أن تكون ردة الفعل من منظور فلسفي؟

حق اللجوء حق من حقوق الإنسان، وكل من يتقدم بطلب لجوء سياسي ينبغي أن يُعامل بإنصاف وأن يُستقبل، مع كل ما يترتب على ذلك. هذا هو الجواب المبدئي، إلا أنه ليس لافتاً في مثل هذه الحالة على وجه الخصوص.

ما يحدث في الاتحاد الأوروبي هو الفصل بين بريطانيا وبعض دول أوروبا الشرقية من جهة ونواة الاتحاد النقدي من جهة أخرى. ولكن هذا النزاع متوقع، وللأمر ارتباط بتاريخ الانضمام للاتحاد. وبصرف النظر عن الفوارق الاقتصادية الكبيرة التي لا تزال قائمة، فإن البلدان الشرقية الكثيرة الجديدة المرشحة للانضمام لم يكن لديها الوقت الكافي لاجتياز عملية تكيف سياسية-فكرية، بينما كان لدينا في ألمانيا بين سنتي 1949 و1989 أربعون عاماً لاجتيازها. إذًا، المدة الزمنية كانت كافية لدينا.

ألمانيا وفرنسا اللتان كان عليهما، قبل اليوم بكثير، أن تمارسا سياسة أوروبية أكثر فاعلية وذات منظور مستقبلي، ينبغي عليهما الآن المبادرة وتطوير سياسة أوروبية، لابد أن تشمل في إطارها التعاون في قضية اللاجئين أيضا. لقد جرى إغفال الأزمة، لكن لا بد لي في هذا السياق من أن أقول إنني منذ نهاية شهر سبتمبر الماضي راضٍ عن حكومتنا كما لم أكن منذ سنوات كثيرة. فاجأتني جملة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "في حال كان علينا الآن أن نعتذر إذا ابتسمنا لأولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتنا، فهذا يعني أن هذا البلد لم يعد بلدي"، وقدرتُ تلك الجملة تقديراً عالياً.

هناك أساس مشترك يجب أن يقوم الاندماج عليه، ألا وهو الدستور. هذه المبادئ ليست منقوشة على الحجر، إنما يجب طرحها ضمن نقاش ديموقراطي واسع، وأعتقد أن هذا النقاش سينطلق مجدداً لدينا. لا بد لنا من أن نتوقع من كل شخص نستقبله أن يلتزم بقوانيننا وأن يتعلم لغتنا. ولا بد لنا فيما يخص الجيل الثاني على الأقل أن ننتظر منه أن يكون قد رسَّخ مبادئ ثقافتنا السياسية عموماً.

حرب العراق، التي انتقدتها من اليوم الأول، وكذلك حروب أفغانستان ومالي وليبيا، جعلتنا ندرك أن القوى المتدخلة ليست مستعدة لتأدية الواجبات المترتبة عليها بعد التدخل، أقصد بناء وتعزيز هياكل الدولة في هذه البلدان، الأمر الذي يستغرق عقوداً من الزمن. ونتيجة لذلك، علمتنا التجربة أن هذه التدخلات قد زادت من سوء الظروف في البلدان المعنية في أغلب الأحيان بدلاً من تحسينها.