عنوان مقالي لهذا الصباح لا يحتاج إلى مزيد من الشرح والاسترسال، ولكننا مضطرون لملء الفراغ من هذه المساحة. والخلاصة، ومن السطر الثاني في رأس المقال: بقيت لدينا بعض القرى النائية وبعض منومي غرف العناية المركزة الذين لم يسمعوا بخبر الشهر المجلجل من أن مجلس الشورى قال بصوت مرتفع إن مصلحة معاشات التقاعد لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها للمستفيدين منها بعد ست سنوات من الأمس. نشرة أخبار التاسعة تطلب تعليقي على الخبر الفضيحة فأجبت: بسيطة... نحيل مئات الآلاف من هؤلاء إلى الضمان الاجتماعي. وما يقلقني في الخبر الأحمر الصارخ أن مصلحة معاشات التقاعد لا زالت صامتة، فلم أقرأ لها حتى كتابة هذا المقال أي إجابة أو تعليق على هذا الخبر. أحيانا أقول إنها ربما تفاعلت وتجاوبت، ولكنني المخطئ لأنني اكتفيت بقراءة ثلاث صحف ورقية وثلاث أخرى إلكترونية، ولربما فضل معالي المحافظ أن يدلي برأيه في نفي خبر إفلاس المصلحة إلى صحيفة "سراة عبيدة نيوز"، واعذروني فأنا لا أتابع هذا الموقع.
دعونا ندخل إلى بعض الحقائق: نحن ندفع عشر رواتبنا طوال أربعين سنة من الخدمة إلى هذه المؤسسة. وفي المقابل تقول الإحصائية الموثقة إن ثلث المتقاعدين عن العمل لا يستمتعون برواتبهم سوى لفترة ما بين "3 -7" سنوات، وبعدها يأخذ الله وداعته لأن أعمار أمة محمد تنتهي في الحد الأدنى ليلة التقاعد. وبعدها لا تقدم هذه المصلحة العتيدة للورثة سوى "فراطة" التوزيع لأرملته الثكلى أو لابنته "العانس"، وهي أرقام مالية بالكاد تصل إلى سداد فاتورة الجوال وأجرة العاملة المنزلية. وبالأرقام المبرهنة فإن مصلحة معاشات التقاعد تتخلص من عبء ثلث المستفيدين في المعدل الوسطي بعد أربعة أعوام من تقاعد الموظف، وتتخلص أيضا من "الثلثين" تماما بعد 13 سنة. بقي لمصلحة معاشات التقاعد أن تقاوم إصرار "الثالث" الأخير على الحياة ورفض الاستسلام للموت، وهنا يبرز السؤال الأخطر: لماذا أصبحت هذه المؤسسة على وشك الإفلاس رغم أن ثلثي ورثة المستفيدين منها أقرب إلى مخصصات الضمان الاجتماعي من راتب "المرحوم" التقاعدي.
أختم: واحد من أشهر مقالاتي فيما سبق كان بعنوان: أين يذهب راتبي التقاعدي. وإذا ما أخذ الله وداعته مني بعد ثماني سنين من اليوم، ولحظة تقاعدي المرتقبة فإن فردا واحدا من زوجتي وأبنائي وبناتي لن يقبض هللة من عشر راتبي الذي اقتطعته هيئة التقاعد لأربعين سنة. لماذا الإفلاس إذاً، ولماذا السكوت المخيف من الإجابة؟