المتتبع لتطور المملكة العربية السعودية خلال الخطط الخمسية التي بدأت في عام 1390 يرى أن هناك تغييرا في شتى مجالات الحياة، بدءا بالتعليم والصحة وسرعة نمو السكان وتطور العمران، كل هذا صاحبه تغيير في كثير من أنظمة الوزارات الخدمية والبدء بنظام الحكومة الإلكترونية، إلا أن بعض الأنظمة لا زالت تعمل بآلية عتيقة لا تتناسب مع العصر الجديد، ومن ذلك بعض الأنظمة التي تعوق سير العمل وتعطيل مصلحة المواطن خاصة في استخراج الصكوك واستحكام الحجج، مع العلم بأن وزارة العدل قامت بتحديث كثير من الإجراءات الإلكترونية في مجالات عدة تتماشى مع نظام الحكومة الإلكترونية، وقد لاحظ الكثير هذا التطور الإداري الذي سهل كثيرا على المراجع، إلا أن قرار عدم تملك الأشخاص للأراضي والمزارع التي لم تكن محياة قبل عام 1387 وهي أراض عائدة لأصاحبها أباً عن جد؛ لا يزال ساري المفعول!

إن التمسك بهذا القرار يعيد المواطن إلى المربع الأول، وهو أزمة السكن التي يعيشها مجتمعنا، حيث إن 70% من سكان المملكة لا يمتلكون السكن، أي أن هؤلاء ليست لديهم أراض ولا مساكن ويخضعون للإيجار على الرغم من أن لديهم مواقع زراعية وسكنية. هذا القرار يجعل المواطن يعيش طول العمر مستأجراً على الرغم من وجود الأرض الكافية لإنشاء السكن مع وقف التنفيذ.  

في المملكة تتوفر الأراضي، لكن هذا القرار عطل استخراج الصكوك، وبالتالي رخص البناء، فالمنطقة الجنوبية -مثلا- كانت أراضيها محياة قبل 1387 وأكبر دليل على ذلك أن المنطقة كانت تمد المناطق الأخرى بالإنتاج الزراعي قبل ظهور النفط.

وكما يعلم الجميع أن عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله كان بداية الأمن والأمان والاستقرار، وكانت مدن الرياض وجدة والظهران مدنا جاذبة تتوافر فيها فرص التعليم والعمل أما المناطق الطرفية مثل الجنوب والشمال فكانت مناطق طاردة يغلب على سكانها الهجرة إلى المدن الرئيسة، ومع الطفرة المادية واختفاء الزراعة واشتغال الناس بالوظائف الأخرى والاستقرار في المدن بقيت أملاكهم دون إحياء مؤقتاً، ثم عادوا إلى مناطقهم بعد بلوغ سن التقاعد وقلة الهجرة إلى المدن الأخرى، وافتتاح الجامعات في كل مدن المملكة وفروع الوزارات واختفاء الأسر الممتدة التي تشمل الجد والأحفاد، وظهور الأسر الصغيرة التي تنحصر في الوالدين والأطفال وحاجة كل أسرة إلى منزل.

استمرار هذا القرار يحتاج إلى تدخل مجلس الشورى ووزير العدل.