بعض المواقف في حياتنا اليومية تحتاج لريشة رسام، يجملها بالألوان، يضيف بعض اللمسات لتصبح أخاذة بهية، كما يجعل من الموقف البسيط عظيماً، ويُجمل فيه ما يُريد تجميله للناس. قرأت منذ فترة مقالا للأستاذ "علي سعد الموسى" بعنوان "هل يوجد كاتب بالرياض"، وقد شدني ما سطره، وتأملت فحوى مقالته، ورجعت قائلاً لنفسي فعلاً إن المعاني والقصص والحكايات ما هي إلا مسرحيات على أرض الواقع، وملقاة على قارعة الطريق كما قال بذلك الجاحظ، تحتاج لعينٍ بصيرةٍ وقلم يسيل رقة وعذوبو، بل وقلم سارق كيد لصٍ يسرق الكحل من العين، والخاتم من الإصبع، كرسام في شوارع بلدة فقيرة قد اجتمع عليه السياح ويخشى فقدان فكرته وفقدان جمهورها، ليصيغها لنا بأسلوب فريد، فيا ليت أن هذه العين وذاك القلم يُطرح في الأسواق ليتهافت عليه البشر، ولم لا يتهافتون؟

 إن عاشق الكلمة والجمال، هو إنسان صغير داخل كل واحد منا، لكن بعضنا قد قتل هذا الإنسان الصغير بسكين الأنانية بظلمة لنفسه ولمن حوله. يذكر أن هنالك ملكاً طلب أن يرسمه رسام ويخفي عيوبه وهو أعور وأعرج، وقد عجز وبارت الحيل أمام كل رسام، فأتى من يحمل عيناً إيجابية وريشةً سحرية ومن يجني من الليمون شراباً حلواً من يصنع من اللاشيء شيئا، ورسم الرجل بأجمل صورة، إذ رسمه وهو مغمض عينه العوراء ماسك بندقيته ويحني قدمه العرجاء. إننا نحتاج لريشة رسام فيذ كل مواقف حياتنا لنضيف البهجة والسرور، ونرسم البسمة ونخفي الدمعة ولو كانت الحياة مريرة".