من النادر أن تعرف شخصا يحبه أصدقاؤه ويحترمه خصومه، وتجتمع له صفات العظماء، لكنه يتعامل مع محيطه بتواضع الكبار وشهامة الفرسان، كان الأمير الفريق طيار ركن بندر الفيصل أحد هذه الشخصيات التي جمع الله لها نبل الأصل وحسن الخلق وسعة المعرفة.. إذا عرفته لا تملك إلا أن تحبه، وإذا اختلفت معه يقابل اختلافك برحابة صدر، وإذا صدر ممن يتعاملون معه خطأ فإنه يكتفي بالابتسام وتغيير الموضوع.
عرفته عندما كان على رأس العمل مثالا للرغبة في التحديث والبحث عن الأفضل ومشجعا لكل مبادرة تطويرية وإنسانا طموحا، وعرفت فيه بعد التقاعد الوفاء الذي لا يستغرب من أبناء فيصل رحمه الله.. يتواصل بنبل ورقي ويصر على دعوتنا لتناول العشاء معه كلما سمحت الظروف، بقي مجلسه المنتدى الوحيد الذي نلتقي فيه بباقي زملائنا من ضباط القوات الجوية المتقاعدين، وكان آخر مناسبة استقبل فيها زملاءه مساء الإثنين الذي سبق وفاته.
نسأل الله الرحمة والمغفرة وسكنى الجنان للأمير "بندر الفيصل"، ذلك الإنسان بخلقه ونسبه وتعامله.. من الرجال القلائل الذين أشبههم بالنجوم المتألقة في سماء الحياة، وكما هو حال الدنيا كل نجم إلى أفول ولكل أجل كتاب، وكل نفس ذائقة الموت، ومع أن رحيله كان خبرا مؤلما لكل معارفه إلا أننا لا نملك إلا أن نقول "إنا لله وإنا إليه راجعون".
أسأل الله أن يتغمده برحمته وأن يجمعه بوالده الفيصل ووالدته وأشقائه والمسلمين في رحاب الجنة، وعزائي لأبنائه وزوجته وأشقائه وأسرة آل سعود، خصوصا الأمير تركي الفيصل، الذي أعرف عمق علاقته به، وأقول لهم إن زملاءه جميعا يشاطرونكم الأحزان وألم المصاب، وأن ذكراه ستبقى راسخة في وجداننا، فالترحم عليه والدعاء له سيتجددان كلما ذكر اسمه وأعماله.