بعض الجهات الحكومية تجعلني في حيرة من أمري، فرغم ميزانياتها المليارية إلا أنها لا تفرز لنا أي مخرجات حقيقية على أرض الواقع، وكل ما يمكن أن نجده في أرشيفها مجرد إنجازات على الورق، واتفاقات هنا وهناك مع كثير من ورنيش التلميع الإعلامي لثلة ممن يسهل الضحك عليهم باستخدام لغة الأرقام!.
ولعل أكبر دليل على ذلك، المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وهي الجهة التي تكلف ميزانية الدولة حوالى خمسة مليارات ونصف المليار!، ولو ضربنا مبلغ الميزانية في عدد السنوات السابقة لأصاب المخيخ ألم فظيع بسبب البحث عن جواب لسؤال مشروع وهو: أين مخرجات هذه المليارات؟ أين الفنيون؟ أين السباكون والنجارون والميكانيكيون السعوديون؟ كم ورشة يديرها سعودي ويملكها؟ كم شابا سعوديا درس سنوات في المعهد، ثم -وبكل أسف- يذهب ليعمل سكرتيرا أو موظفا إداريا بسبب عدم وجود فرصة عمل تناسبه وتناسب تخصصه الذي أمضى سنوات في تعلمه؟
لاحظوا أني لم أتطرق إلى باقي الفظائع التي يتم هدر الأموال فيها في هذه المنشأة، ككليات التميز التي لا تختلف أبدا عن خدعة سيارة "غزال" في جامعة الملك سعود!، ولاحظوا أيضا أني لم أتطرق إلى تقصير المؤسسة في القيام بدورها نحو تعزيز وتسهيل عمل مراكز التدريب والتطوير ومعاهد اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي!، ولاحظوا أن هذه المنشأة "أو هكذا أفترض" لا تعلم عن عدد المدربين الحقيقيين في المملكة، ولا تملك تصنيفا واحدا لهم، ولا قاعدة بيانات، ولا تتابع إعلانات الصحف المضحكة، حين يعلن أحدهم عن المدرب والمستشار الدولي العالمي، ثم يتضح أنه لم يدرب دورة واحدة خارج مدينته، فضلا عن معرفته بالتدريب الخارجي أو التحدث بلغات عدة!