سعد سلامة الأدغم


عندما نسمع كلمة الإرهاب يتبادر إلى الأذهان الجماعات الإرهابية والتفجيرات وقتل النفس البريئة، وجميع أنواع أشكال الإرهاب الإجرامي التي أصابت العالم بشكل عام والمملكة بشكل خاص.

ولكن هناك نوع آخر من الإرهاب، وهو إرهاب الشوارع والحوادث المرورية التي أخذت كثيرا من الأرواح البشرية في العالم، وأصبحت الحوادث المرورية تمثل، وبشكل كبير، هاجسا وقلقا لكل أفراد المجتمع، وأصبحت واحدة من أهم المشكلات التي تستنزف الموارد المادية والبشرية. وللأسف، لا يوجد بيت في المملكة إلا وله قريب أو صديق توفي أو أصيب إصابة بالغة في الحوادث المرورية.

السرعة هي مقدمة للكوارث المرورية، وللأسف أن المملكة الأولى عالميا في حوادث المرور، إذ تقدر خسارتنا الاقتصادية من الحوادث المرورية بحوالى 13 مليار ريال سنويا، وذكر ذلك العقيد زهير بن عبدالرحمن شرف مدير الأنظمة واللوائح في مرور منطقة المدينة المنورة، وقال إن معدل الوفيات في حوادث الطرق في السعودية 17 شخصا يوميا، أي شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويا، وأشار العقيد إلى ارتفاع عدد ضحايا الحوادث في السعودية، والذي تجاوز في العقدين الماضيين أكثر من 86 ألف شخص، وقال إنه تجاوز عدد ضحايا حروب الأرجنتين، وحرب الصحراء الغربية، وحرب الهند وباكستان، وحرب الخليج، وحرب نيبال الأهلية، وحرب استقلال كرواتيا التي بلغ مجموع ضحاياها 82 ألف شخص.

كما أن عدد ضحايا حوادث الطرق عام 2011 بلغ أكثر من 7153 شخصا، وهو رقم يفوق عدد ضحايا العنف في العراق للعام نفسه الذي بلغ نحو 4200 شخص، والعدد في ازدياد، ومن المتوقع أن يصل عام 2019 إلى 9600 شخص في العام.

المشكلة في الثقافة السائدة لدى المجتمع في عدم الالتزام بالأنظمة المرورية، وعدم معرفة قيمة السلامة المرورية، ونحن في حاجة إلى حملة توعوية شعبية عن الحوادث المرورية وأسبابها، وعن القيادة الآمنة وقواعدها، ويجب أن تبدأ الحملة من البيت مرورا بالمجتمع وبمشاركة من الجميع، ويجب أن يبادر كل أولياء الأمور بتوعية الأبناء، وكل معلم بتوجيه الطلاب وكل مدير بتثقيف المرؤوسين، حتى تصبح القيادة الآمنة هي الثقافة السائدة في المجتمع السعودي، ويصبح الجميع مبادرين إلى الالتزام بالأنظمة المرورية.

ولنا في شركة أرامكو السعودية خير مثل وقدوة في نشر ثقافة القيادة الآمنة والتوعية المرورية بين موظفيها، حتى أصبحت نسبة الحوادث المرورية منخفضة جدا بينهم.

ختاما، توفي كثير من شباب هذا الوطن بسبب التهور والسرعة في قيادة المركبة، وبلادنا في حاجة إلى كل ابن من أبنائها، حتى يشارك في نهضتها ويدعم مسيرتها ويحمل رايتها، ويكون خير ابن بار بوطنه.